انشقاق عسكري في مدغشقر: «كابسات» تعلن نفسها القيادة العليا للقوات المسلحة

تشهد مدغشقر تصعيدًا واسعًا للأزمة السياسية والاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع، مع إعلان كتيبة عسكرية انشقاقها عن القيادة المركزية وتأكيدها السيطرة على زمام الأمور داخل القوات المسلحة.
وفي خطوة تُعَدّ بمثابة تحدٍ مباشر للسلطة، أعلن فيلق قيادة أفراد جيش مدغشقر، المعروف باسم "كابسات"، نفسه "القيادة العليا للقوات المسلحة في مدغشقر"، وفقًا لما نقلته صحيفة "ميدي مدغشقر" عن بيان صادر عن الفيلق الذي انحاز إلى صفوف المتظاهرين.
تضامن القيادة العسكرية مع المتظاهرين
يأتي هذا الإعلان ليضع البلاد على حافة الانزلاق في اضطرابات أعمق، حيث أكد بيان "كابسات" أن "جميع التعليمات للقوات المسلحة، سواءً البرية أو الجوية أو البحرية، ستصدر من معسكرها"، معلنًا بذلك نفسه "المصدر الجديد للقيادة العسكرية".
جاء هذا التطور بعد أيام من انضمام مجموعات من جنود "كابسات" إلى آلاف المتظاهرين في العاصمة أنتاناناريفو، في مشهد يعيد إلى الأذهان سيناريوهات التمرد العسكري في تاريخ البلاد.
يُذكر أن "كابسات" كانت قد رفضت سابقًا الأوامر الصادرة بإطلاق النار على المحتجين، ووجهت نداءً إلى باقي الأجهزة الأمنية في البلاد لكي تحذو حذوها وتتوقف عن قمع المتظاهرين، وهو ما أسفر فعليًا عن انضمام عناصر من الجيش إلى الحشود الغاضبة.
وفي رد فعل سريع وحاسم، أعلنت رئاسة مدغشقر رصدها "محاولة للاستيلاء على السلطة بطريقة غير قانونية وبالقوة"، معربة عن إدانتها لهذه المحاولة وتقديمها التعازي في ضحاياها، وشدد الرئيس "أندريه راجولينا" في بيان على أن ما يجري هو محاولة لانتزاع السلطة بالقوة يتناقض مع الدستور والمبادئ الديمقراطية.
جذور الأزمة
من فواتير الكهرباء إلى المطالبة برحيل الرئيس، تعود جذور الأزمة الحالية إلى يوم 22 سبتمبر الماضي، عندما اندلعت احتجاجات واسعة في العاصمة والمدن الكبرى، شارك فيها الآلاف من الشباب الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "جيل زد".
بدأت المظاهرات احتجاجًا على التردي الحاد في الأوضاع المعيشية، وتحديدًا الانقطاعات المتكررة والمزمنة للكهرباء والمياه، قبل أن تتحول مطالبها إلى دعوات صريحة لإقالة الحكومة ورحيل الرئيس راجولينا نفسه.
وفي محاولة لاحتواء الغضب الشعبي المتصاعد، أعلن الرئيس راجولينا في 29 سبتمبر الماضي حل الحكومة بأكملها وتعيين رئيس وزراء جديد من الجيش في خطوة عدّها المحتجون غير كافية، مؤكدين أن المشكلة تكمن في قمة الهرم الرئاسي وليس في الحكومة المستقيلة.
عقب ذلك، أعلن المتظاهرون عن تشكيل "لجنة تنسيق النضال" (KMT)، تضم ممثلين عن "جيل زد" والمجتمع المدني، بهدف تنظيم المرحلة اللاحقة من الاحتجاجات ومواصلة الضغط لتحقيق مطالبهم.
وحتى الآن، أسفرت المواجهات والاضطرابات عن وقوع خسائر بشرية، فوفقًا لتقارير الأمم المتحدة، قُتل ما لا يقل عن 22 شخصًا وأصيب أكثر من 100 آخرين، وهي أرقام نفتها وزارة الخارجية في مدغشقر دون تقديم حصيلة رسمية بديلة.
بينما يحاول الرئيس احتواء الموقف عبر تعيين حكومة جديدة والدعوة للحوار، فإن انشقاق "كابسات" وتحوّل الأزمة من سياسية-اجتماعية إلى عسكرية يمثل منعطفًا خطيرًا يهدد بزعزعة استقرار الجزيرة الهش، ويضع مصير البلاد في طريق مظلم.