التحذير من كثرة المزاح والضحك.. دار الإفتاء توضح الضوابط

أكدت دار الإفتاء أن الضحك والمزاح من الأمور المباحة شرعًا في أصلها، بل قد يُستحب المزاح أحيانًا إذا اقترن بنيّة طيبة كإدخال السرور على قلوب الناس أو الترويح عن النفس، خاصة في أوقات الشدة أو الضيق، مع التشديد على ضرورة عدم الإفراط فيهما أو تجاوز الضوابط الشرعية في ذلك.
وقالت دار الإفتاء في فتوى رسمية لها إن المزاح هو الدعابة وضد الجد، وهو وسيلة إنسانية للتلطّف والتقرّب بين الناس، وله آثار إيجابية نفسية واجتماعية، بشرط أن يكون خاليًا من الكذب، أو الإيذاء، أو التحقير، أو الفحش في القول، أو الاستهزاء بالآخرين.
وأوضحت دار الإفتاء أن الأصل في المزاح الإباحة، بل قد يُندب إليه إذا قصد به تطييب الخواطر وإدخال السرور على الغير، واستشهدت بما رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«أحب الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مسلم».
التحذير من كثرة المزاح والضحك بلا ضابط
وحذّرت دار الإفتاء من الإكثار من المزاح والضحك حتى لا يفضي إلى قسوة القلب أو سقوط الهيبة والوقار، مشيرة إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تكثروا الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب» [رواه الترمذي وابن ماجه].
وأوضحت أن هذا النهي ليس عن أصل الضحك، وإنما عن الإفراط فيه أو اتخاذه عادة دائمة تُشغل الإنسان عن الجد والعمل وذكر الله، كما أشار الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين" إلى أن كثرة المزاح تؤدي إلى موت القلب، ورفع المهابة، وربما إلى الخصومات، بخلاف المزاح المعتدل الذي يُدخل السرور بلا أذى.
الاعتدال في سلوك المسلم
وبيّنت الدار أن الاعتدال هو السبيل الأمثل في تعامل الإنسان مع المزاح والضحك، فيكون المزاح كالملح في الطعام، يُستخدم بقدرٍ، ويترك عند الجد أو في المواضع التي تستدعي الوقار والسكينة.
كما أشارت إلى ما ورد عن الصحابة والتابعين من اعتدالهم في المزاح، ومن ذلك ما جاء عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه كان "من أفكه الناس في بيته، فإذا خرج كان رجلًا من الرجال".
وأكدت الفتوى أن المزاح المنضبط لا ينافي الدين ولا الوقار، إذا التُزم فيه بالصدق، وعدم الترويع أو الإيذاء، والبعد عن محرمات اللسان، كالسخرية أو الغيبة، وأن على المسلم أن يتحلى بالحكمة في اختيار الوقت والمقام المناسبين للمزاح، دون إسراف أو تفريط.
المزاح والضحك مباحان شرعًا إذا خلا من المحرمات وكان بضوابط، ويحرم الإكثار منهما إذا شغلا عن الطاعات أو تضمنا أذىً للآخرين. والاعتدال فيهما هو الهدي النبوي الصحيح.