عاجل

معنى حديث "إن الله هو المسعِّر" هل يدل على تحريم التسعير؟|الإفتاء توضح

تسعير
تسعير

ما المعنى المراد من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما طُلِب منه التسعير: «إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ..» إلخ الحديث؟ وهل الحديث يدل على حرمة التسعير؟

أكدت دار الإفتاء أن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ» لا يدل على تحريم التسعير، كما يُشاع في بعض الأوساط، وإنما هو تنبيه نبوي على أن الأرزاق وتقديرها بيد الله سبحانه وتعالى، وإرشاد للمسلمين إلى ضرورة اللجوء إلى الله تعالى في أوقات الأزمات، مع الأخذ بكافة الأسباب الممكنة والوسائل المشروعة لمعالجة الغلاء أو الندرة.

معنى حديث “إن الله هو المسعر”

وأوضحت الدار أن الحديث ورد في السنة النبوية عند اشتداد الغلاء، حين طلب الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُسعِّر لهم، فقال عليه الصلاة والسلام:«إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الرَّازِقُ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلِمَةٍ مِنْ دَمٍ وَلَا مَالٍ» – والحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وقال عنه الإمام الترمذي: حديث حسن صحيح.

وبيّنت الفتوى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُحرِّم التسعير، وإنما امتنع عنه في تلك الواقعة لظروف خاصة أحاطت بها، وهو ما يُعرف في علم الأصول بـ"قضية عين"، لا يُبنى عليها حكم عام. وقد أشار إلى ذلك الإمام الشافعي بقوله:"قضايا الأحوال إذا تطرَّق إليها الاحتمال كسَتها ثوبَ الإجمال وسقط بها الاستدلال".

وأضافت الدار أن الفقهاء من مختلف المذاهب، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، قد فرّقوا بين نوعين من التسعير:

تسعير ظالم: يُكره فيه البائع على البيع بسعر لا يرضاه، دون مبرر شرعي، وهذا لا يجوز.

تسعير عادل: يُلزم فيه التاجر أو المحتكر بحدٍّ معقول لحماية الناس من الغلاء والاحتكار، وهذا جائز بل قد يكون واجبًا عند الحاجة.

وقالت الفتوى إن امتناع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التسعير في تلك الحالة، كان تصرفًا إماميًّا نابعًا من السياسة الشرعية التي تراعي المصلحة العامة، مشيرة إلى أن العدل بين البائع والمشتري هو الضابط في هذه المسألة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح:«لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ» – رواه ابن ماجه.

واختتمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن التسعير من صلاحيات ولي الأمر أو من يُمثله، ويُشرع عند الحاجة لمنع الاحتكار أو حماية الفقراء والمستهلكين من الجشع أو الاستغلال، مشددة على أن الشريعة الإسلامية قائمة على العدل ورفع الضرر، وتوازن بين حرية السوق وصيانة حقوق الأفراد.

تم نسخ الرابط