لؤي الخطيب: مصر تمتلك خبرة واسعة في فن التعامل مع العدو

علّق الكاتب الصحفي لؤي الخطيب على مواقف مصر خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أن مصر تمتلك خبرة واسعة في فن التعامل مع العدو، من خلال الاعتماد على سياسة التحفّظ وعدم استنزاف كامل القدرات، بما يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة التحديات الإقليمية وأساليب إدارتها بحكمة.
وجاء ذلك عبر تغريدة نشرها على صفحته الرسمية بمنصة "إكس" قائلًا: قدرة مصر في مواقف كتير على قلب المعادلة في اللحظة الأخيرة هو طبعا انعكاس للتوفيق الإلهي، ولكن من منظور أسباب الدنيا، ففيه سبب وجيه جدا لتكرار النمط ده.. المؤسسات المصرية عندها خبرة تراكمية في كيفية الحفاظ على فائض قدرة مناسب طول الوقت.. دايما عندنا مفهوم "الاحتياطي" وعدم استنزاف كامل القدرات في الحاضر على حساب المستقبل.. ده مفيد خصوصا لما تكون بتواجه (عدو/خصم/منافس) فرّاك وبيستنزف قوته، فبيبقى مناسب جدا انك تهدّي حركتك وتصبر لحد ما هو يستنزف قوته، فلما تبدأ تتحرك يبقى هو "خلصان".. وده مفهوم كويس للحياة عموما مش بس على مستوى الدول.. مفيش حد بيقدر يجري ساعتين بنفس القدرة والكفاءة، مهما كانت صحته ولياقته، لازم الكيرف هينزل بمرور الوقت.. اللي مصر بتعمله في مواقف كتير وخصوصا في السنتين اللي فاتوا، هو ترك الطرف الآخر "يفرك" لحد ما يخلص والكيرف ينزل، وبعدها هي تتحرك.. غالبا المعطيات بتبقى في صالحك جدا في اللحظة دي.. اللعبة دي محتاجة ناس تقيلة وأعصاب حديد، ومحتاجة معلومات وشغل أمني على أعلى مستوى علشان تبقى شايف الصورة طول الوقت بوضوح، لإن وارد تضطر تتحرك قبل النقطة اللي انت مستنيها لو المعطيات قالت كده.. في نفس الوقت، اللعبة دي بتكون بوابة لأسئلة زي "انت ساكت ليه؟"، أو ثغرة يستغلها الإعلام المعادي للمصريين "المطاريد"، لمحاولة ترسيخ صورة "المتخاذل"، لكن الحقيقة إن المصريين أثبتوا وعي استثنائي في التعامل مع الحروب اللي زي دي.. الخلاصة، اللي بيحصل توفيق وفضل من ربنا من غير كلام، لكن التكرار طول السنين دي مش صدفة خالص.
بعد عامين من الحرب الشرسة على قطاع غزة أعلن خليل الحية رئيس حركة حماس في غزة عن وقف الحرب على قطاع غزة والتوصل الي اتفاق، مؤكدًا أن أهالي قطاع غزة خاضوا حربا لم يشهد لها العالم مثيلا وتصدوا لطغيان العدو وبطش جيشه ومجازره، وأن أهالي غزة وقفوا كالجبال لم تفتر لهم عزيمة في وجه القتل والنزوح والجوع وفقدان الأهل وخسارة البيوت.
وأكد الحية، في ذكرى معركة 7 أكتوبر المجيدة نحيي شهداءنا من القادة مفجري الطوفان هنية والعاروري والسنوار والضيف، ونقف أمام بطولات رجال المقاومة الذين قاتلوا من نقطة صفر وكانوا كالطود العظيم أمام دبابات الاحتلال، وأن أبطال المقاومة أفشلوا كل ما خطط له العدو من تهجير وتجويع وصناعة للفوضى.
إنهاء الحرب على قطاع غزة وكان لمصر دورًا جوهريًا في وقف حرب غزة، خصوصًا بعدما وافقت مصر على خطة إنهاء الحرب التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي ثم عرضها على الوسطاء مصر في المقدمة ثم قطر وتركيا، حيث شهدت مدينة شرم الشيخ جلسات مفاوضات مكثفة برعاية مصرية، شاركت فيها وفود من الأطراف المعنية.
مفاوضات شرم الشيخ
وشملت جهود الوساطة المصرية رعاية مفاوضات شرم الشيخ التي شارك فيها وفود من الأطراف المعنية، والعمل مع الوسطاء الآخرين مثل قطر وتركيا للوصول إلى اتفاق سلام، مناقشة ملفات محورية مثل قوائم الأس
وعلق الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والأمن القومي، على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين حركة حماس وإسرائيل في اجتماعات شرم الشيخ والتي تقضي بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين خلال الساعات القليلة المقبلة، مؤكدًا أن الدور المصري كان كبير للغاية في هذا الاتفاق وهو دور مركزي كوسيط وشريك فيما يجري .
انعقاد الاتفاق في شرم الشيخ يحمل مصر مسؤولية كبيرة
وأضاف فهمي، في تصريحات خاصة لموقع "نيوز رووم"، أن انعقاد الاتفاق في مدينة شرم الشيخ يحمل مصر مسؤولية كبيرة سوف تستمر وتمضي في هذا المسار، لافتا إلى أن المرحلة الأولي تبدأ اليوم، كما أن هناك 5 مراحل في هذا الاتفاق، كما أن مصر ستكون الاعب المركزي الرئيسي مع الأطراف العربية الآخرى.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن الحديث عن تجميد سلاح حماس هو كلام سابق لآوانة لأن تجميد السلاح هو مسئولية عربية ودولية، لافتًا إلى أن من المتوقع أن يكون لمصر دور في مجلس السلام في غزة، ووجود مصر هو أكبر ضامن للاتفاق وخاصة وأن الاتفاق يحظى بدعم القيادة الأمريكية والمصرية.
وأكد فهمي، أنه سوف يكون هناك حوار فلسطيني في القاهرة، ودعوة لمؤتمر إعمار غزة، مؤكدًا أن مصر تراقب وتتابع كل المقترحات التي تعرض بشأن إعمار القطاع خلال الفترة المقبلة.
وقف الحرب لم يكن وليد الصدفة
أكد الدكتور أيمن سمير، أستاذ العلاقات الدولية، أن الاتفاق الأخير لوقف الحرب بين إسرائيل وقطاع غزة لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة مباشرة للجهد المصري المتواصل على مدار عامين كاملين من التحركات السياسية والدبلوماسية الهادئة، التي قادتها القاهرة بحكمة وثبات حتى نجحت في إنهاء حرب دموية استمرت ما يقرب من 24 شهرًا.
وأوضح سمير، في تصريحات خاصة لموقع نيوز رووم، أن مصر نجحت للمرة الأولى في وقف الحرب مؤقتًا نهاية نوفمبر 2023 لمدة أسبوع، ثم تمكنت مجددًا من فرض هدنة استمرت شهرين كاملين خلال الفترة من 19 يناير إلى 18 مارس من العام الجاري، وهو ما مهد الطريق للوصول إلى الاتفاق التاريخي الأخير الذي تم التوصل إليه في مدينة شرم الشيخ، “مدينة السلام”، بجهود ماراثونية من الدبلوماسية المصرية، مؤكدًا أن هذا الاتفاق يمثل انتصارًا دبلوماسيًا لمصر والشعب الفلسطيني، إذ تضمن بنودًا جوهرية من بينها الوقف الكامل للحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة تدريجيًا، إلى جانب منع تنفيذ مخطط التهجير القسري الذي كان يهدد بتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي.
مصر استطاعت أن تصون فكرة قيام الدولة الفلسطينية
وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الاتفاق أوقف أيضًا مساعي ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهو ما يعد تطورًا بالغ الأهمية في الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا أن مصر استطاعت أن تصون فكرة قيام الدولة الفلسطينية الموحدة على أراضي الضفة وغزة والقدس الشرقية، ووقف التهجير القسري والتي كانت أكبر خطة من الممكن أن تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية وتحافظ على قيام الدولة الفلسطينية، كما أن هذا الاتفاق يوقف ضم الضفة الغربية لإسرائيل هو أمر في غاية الأهمية .
وتابع سمير قائلاً إن الاتفاق يتضمن الإفراج عن نحو 250 أسيرًا فلسطينيًا من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات داخل السجون الإسرائيلية، بعضهم صدرت بحقهم أحكام تصل إلى أكثر من 300 عام، مشددًا على أن هذا التطور لم يكن ممكنًا إلا من خلال الوساطة المصرية التي حازت ثقة جميع الأطراف.
وأضاف أن دور مصر لن يتوقف عند حدود التوصل إلى الاتفاق، بل سيمتد إلى ضمان تنفيذه ومتابعة مراحله المختلفة، موضحًا أن المرحلة الأولى تتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخط الأصفر ودخول المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة إلى القطاع، على أن تبدأ لاحقًا المرحلة الثانية التي تشمل تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة الشؤون اليومية في غزة، إلى جانب مجلس سلام يشرف على إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد المحلي.
إعادة إعمار القطاع وتحويله إلى نموذج للاستقرار والتنمية
وبيّن سمير أن الاتفاق يهدف إلى إعادة إعمار القطاع وتحويله إلى نموذج للاستقرار والتنمية، مع ضمان ألا يتحول إلى مصدر تهديد لجيرانه، مشيرًا إلى أن مصر تعمل على نزع فتيل التوتر داخل غزة بالتوازي مع جهودها السياسية والإغاثية.
وحول فرص استقرار الاتفاق، قال سمير إن التحديات لا تزال قائمة، خاصة مع تاريخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التراجع عن الالتزامات السابقة، إلا أن الضغوط الداخلية في إسرائيل — من خسائر بشرية تجاوزت 20 ألف جندي وضابط ما بين قتيل ومصاب، وانقسامات حادة داخل المجتمع الإسرائيلي — تشكل ضمانة حقيقية لاستمرار التهدئة.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة حقيقية في التجنيد والتعبئة، حيث تراجعت نسبة الاستجابة للتجنيد من 100% في بداية الحرب إلى نحو 57% فقط الآن، ما يعكس حالة الإنهاك العام التي قد تدفع الحكومة الإسرائيلية للتمسك بخيار السلام.
وفي سياق متصل، أوضح الدكتور أيمن سمير أن الموقف الأمريكي بدأ يشهد تحولًا لافتًا، لافتًا إلى أن كبار أعضاء الكونجرس — بمن فيهم شخصيات يهودية بارزة — دعوا إلى وقف الحرب ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، بينما أظهرت الحركة الداعمة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب موقفًا رافضًا لاستمرار القتال وسؤالًا مباشرًا حول “ما مصلحة أمريكا في تمويل حرب تقتل الأطفال؟”.
الاتفاق المصري يمثل بداية جديدة لمسار سلام شامل في الشرق الأوسط
واختتم سمير حديثه بالتأكيد على أن الاتفاق المصري يمثل بداية جديدة لمسار سلام شامل في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن هدف المرحلة القادمة لا يقتصر على إنهاء الحرب فحسب، بل فتح الطريق أمام عملية سلام متكاملة قد تشمل لاحقًا انضمام دول أخرى، بما فيها إيران، لبناء منظومة استقرار إقليمي تعيد الأمل لشعوب المنطقة.
ومن جانبها أكدت الدكتورة إيمان زهران، أستاذ العلوم السياسية، أن مصر كانت ولا تزال الداعم الأول للقضية الفلسطينية، والركيزة الأساسية التي تستند إليها إرادة الشعب الفلسطيني في غزة، سواء في أوقات الحرب أو في مسارات السلام. مشيرة إلى أن القيادة المصرية ترجمت هذا الدور عمليًا خلال العامين الماضيين، اللذين شهدا تحولات أمنية معقدة في الإقليم العربي والشرق الأوسط.
ووقف إطلاق النار على أرض مصر يمثل رسالة واضحة
وقالت زهران في تصريحات خاصة لموقع "نيوز رووم" إن إتمام اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار على أرض مصر يمثل رسالة واضحة للعالم حول الدور الريادي للقاهرة، رغم محاولات بعض الأبواق الإلكترونية التابعة لقوى الشر لتشويه الحقائق أو التقليل من حجم هذا الإنجاز.
وأضافت أستاذة العلوم السياسية أن مصر اختارت العمل بهدوء ودبلوماسية عالية، بعيدًا عن الضجيج والمزايدات الإعلامية، في وقت انشغلت فيه بعض الدويلات الصغيرة وتيارات الإسلام السياسي — وفي مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية — بالشعارات الفارغة والتصريحات العنترية. مؤكدة أن القاهرة فرضت رؤيتها للحل والسلام بخطوات مدروسة، دون استعراض أو ضوضاء.
وشددت زهران، على أن مصر دولة كبرى ذات ثقل إقليمي واستراتيجي، تمتلك أدوات الردع والسلام معًا، وتُوازن ببراعة بين حماية أمنها القومي، ودعم حق الشعوب العربية — وفي مقدمتهم الفلسطينيون في غزة — في حياة آمنة مستقرة. وأوضحت أن هذا النهج المصري تجسد في مفاوضات شرم الشيخ الأخيرة، التي أرست تصورًا واضحًا لآليات الحل، وأثمرت عن اتفاق ملزم لوقف إطلاق النار بين جميع الأطراف، رغم تباين مواقف الداعمين إقليميًا ودوليًا.
وفي المقابل، انتقدت زهران بعض الأصوات العربية التي "اكتفت بالضجيج دون تقديم أي دعم فعلي للقضية الفلسطينية"، مشيرة إلى أن بعض تلك الأطراف رضخت لإملاءات خارجية تتعلق بملفات مثل التهجير أو ما يُعرف بمخططات "الشرق الأوسط الجديد".
وأوضحت أن مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة سيكون المحطة الأهم في هذه المرحلة، إلى جانب الترتيبات المصرية-الفرنسية التي نوقشت مؤخرًا على هامش الاجتماع الوزاري الذي دعت إليه فرنسا، لبناء على التطورات الإيجابية في مفاوضات شرم الشيخ، التي وصفتها بأنها "لحظة فارقة في مسار القضية الفلسطينية ونقطة تحول نحو إنهاء الحرب في غزة".