لمن يصلي في المسجد ..هل يجوز أداء صلاة الفجر قبل السنة؟

الأصل أن تُؤدَّى ركعتا الفجر قبل صلاة الفريضة، فإذا دخل الإنسان المسجد وقد أُقيمت الصلاة فينبغي أن يلحق بالإمام ولا ينشغل بصلاة السنة حينئذٍ، ولا حرج في صلاتها لاحقًا بعد الفريضة، ولو كان يرجو إدراك ركعة مع الإمام فله أن يصليها، وإذا نام الإنسان عن الصلاة واستيقظ بعد طلوع الشمس فيقضي صلاة ركعتي الفجر مع الفريضة ولا حرج في ذلك.
بيان فضل ركعتي الفجر
من الأمور التي رغبت فيها السنة المطهرة وأكدت عليها في غير موضع: ركعتا الفجر، أي: سنته؛ فقد ورد في السنة المشرفة أن ركعتي الفجر خير من متاع الدنيا، وأنهما من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، ولذلك لم يدعها صلى الله عليه وآله وسلم لا سفرًا ولا حضرًا؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»، وعنها أيضًا رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في شأن الركعتين عند طلوع الفجر: «لَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا» أخرجهما الإمام مسلم.
قال الإمام النووي في شرحه على مسلم: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أي: من متاع الدنيا.
وورد أيضًا عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهدًا على ركعتي الفجر” متفق عليه.
قال الشيخ ابن القيم في زاد المعاد: وكان تعاهده ومحافظته على سنة الفجر أشد من جميع النوافل، ولذلك لم يكن يدعها هي والوتر سفرًا وحضرًا، وكان في السفر يواظب على سنة الفجر والوتر أشد من جميع النوافل دون سائر السنن، ولم ينقل عنه في السفر أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى سنة راتبة غيرهما.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ» أخرجه الأئمة أحمد في المسند، وأبو داود والبيهقي في السنن، والبزار في المسند، والطحاوي في شرح معاني الآثار
وقت صلاة سنة الفجر
الأصل أن تؤدى ركعتا سنة الفجر قبل الفريضة؛ لما روته أم حبيبة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ» أخرجه الترمذي في السنن، والطبراني في الكبير.
وهذا ما قرره أئمة وفقهاء المذاهب المتبوعة كما في بدائع الصنائع لعلاء الدين الكاساني الحنفي، ومواهب الجليل للإمام الحطاب المالكي، والمجموع للإمام النووي الشافعي، والمغني للإمام ابن قدامة الحنبلي.
مذاهب الفقهاء في حكم صلاة سنة الفجر بعد إقامة الصلاة والمختار للفتوى
بخصوص من دخل المسجد لصلاة الفجر وقد أقيمت الفريضة ولم يصل سنة الفجر؛ فقد اختلف الفقهاء في دخوله مع الإمام للفريضة وأدائه سنة الفجر بعدها أو أدائه السنة قبل الفريضة.
فذهب الحنفية إلى أنه إذا خشي فوات الركعة الأولى وإتمام الركعة الثانية مع الإمام صلى السنة، وأما إن خشي فوات الركعتين معًا دخل مع الإمام.
قال برهان الدين المرغيناني في الهداية: ومن انتهى إلى الإمام في صلاة الفجر وهو لم يصل ركعتي الفجر، إن خشي أن تفوته ركعة ويدرك الأخرى يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد ثم يدخل؛ لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين، وإن خشي فوتهما دخل مع الإمام؛ لأن ثواب الجماعة أعظم، والوعيد بالترك ألزم.
وقال الإمام الزيلعي في تبيين الحقائق: قال رحمه الله: ومن خاف فوات الفجر إن أدى سنته ائتم وتركها؛ لأن ثواب الجماعة أعظم والوعيد بتركها ألزم، فكان إحراز فضيلتها أولى. قال رحمه الله: وإلا لا، أي: وإن لم يخش أن تفوته الركعتان إلى أن يصلي سنة الفجر فإن كان يرجو أن يدرك إحداهما لا يتركها؛ لأنه أمكنه الجمع بين الفضيلتين وهذا لأن إدراك الركعة كإدراك الجميع.
وذهب المالكية إلى أنه إذا دخل المسجد وقد أقيمت الفريضة، فلا يصلي السنة، أما إذا كان خارج المسجد أو كان الإمام في الصلاة، فإن لم يخش فوات الركعة الثانية صلى السنة، وإلا فلا.
قال الشيخ الدردير في الشرح الصغير: وإن أقيمت الصبح، أي صلاته، بأن شرع المقيم في الإقامة ولم يكن شخص صلى الفجر وهو بمسجد أو رحبته تركها وجوبًا ودخل مع الإمام في الصبح وقضاها بعد حل النافلة للزوال، وإن أقيمت الصبح وهو خارجه أي وخارج رحبته أيضًا ركعها خارجه إن لم يخش بصلاتها فوات ركعة من الصبح مع الإمام.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه إذا أقيمت الصلاة، فإنه يدخل مع الإمام في الصلاة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لا.
قال الإمام الجويني الشافعي في نهاية المطلب: المسبوق إذا دخل المسجد وصادف الإمام في فريضة الصبح، فلا ينبغي أن يشتغل بالسنة، بل يبادر الاقتداء بالإمام في الفريضة، ثم إذا فرغ منها، فليتدارك السنة.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في المغني: وإذا أقيمت الصلاة، لم يشتغل عنها بنافلة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لم يخش.
والمختار للفتوى: مشروعية الدخول في صلاة الفجر متى أقيمت الصلاة المفروضة، سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لا؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ».
ولما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرغب في صلاة الليل حتى قال: «وَلَوْ رَكْعَةً»، ثم خرج إلى الصلاة، وإذا رجل يصلي والصلاة تقام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَصَلَاتَانِ مَعًا؟» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير.
حكم صلاة سنة الفجر لمن لم يدركها قبل الصلاة وقد دخل الإمام في الصلاة
من لم يدرك سنة الفجر قبل الصلاة وقد دخل الإمام في الصلاة، فإنه يصلي السنة بعد الفريضة؛ لما ورد عن قيس بن عمرو رضي الله عنه، قال: “رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلًا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين”، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَصَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ؟» فقال له الرجل: “إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلها، فصليتهما”. قال: “فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم” أخرجه الأئمة أحمد في المسند، وابن ماجه والدارقطني في السنن، والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك، وابن أبي شيبة في المصنف.
قال الإمام الخطابي في معالم السنن: فيه بيان لمن فاتته الركعتان قبل الفريضة أن يصليهما بعدها.
وقال الإمام ابن قدامة في المغني بعد إيراده هذا الحديث: وسكوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدل على الجواز، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر، وهذه في معناها، ولأنها صلاة ذات سبب، فأشبهت ركعتي الطواف.
حكم قضاء سنة الفجر بعد طلوع الشمس لمن فاتته
ما ورد في السؤال من كون السائل قد فاتته صلاة الصبح ونام عنها واستيقظ بعد طلوع الشمس، فالذي عليه جمهور الفقهاء: أن سنة ركعتي الفجر تقضى مع الفريضة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: “عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس”، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ»، قال: “ففعلنا، ثم دعا بالماء فتوضأ، ثم سجد سجدتين، وقال يعقوب: ثم صلى سجدتين، ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة” أخرجه مسلم.
وبوب له ابن خزيمة في الصحيح: باب قضاء ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس إذا نسيهما المرء.
قال القاضي عياض في إكمال المعلم في شرح هذا الحديث: وقد اختلف العلماء فيمن فاتته صلاة الصبح، هل يصلي قبلها ركعتي الفجر؟ فذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود إلى الأخذ بزيادة من زاد صلاة ركعتي الفجر في هذه الأحاديث. وهو قول أشهب، وعلي بن زياد من أصحابنا. ومشهور مذهب مالك: أنه لا يصليها قبل الصبح الفائتة، وهو قول الثوري والليث أخذًا بحديث ابن شهاب ومن وافقه؛ ولأنها تزاد بصلاة ما ليس بفرض فواتًا.
قال علاء الدين الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: أما سنة الفجر: فإن فاتت مع الفرض، تقضى مع الفرض استحسانًا.
وقال الإمام الحطاب المالكي في مواهب الجليل: وقد اختلف العلماء فيمن فاتته صلاة الصبح: هل يصلي قبلها ركعتي الفجر؟ فذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود إلى الأخذ بزيادة من زاد صلاة ركعتي الفجر في هذه الأحاديث، وهو قول أشهب وعلي بن زياد من أصحابنا.. وهل يصلي ركعتي الفجر من فاتته صلاة الصبح قبلها أم لا؟ قال أشهب وعلي بن زياد: يركع ركعتي الفجر ثم يصلي الصبح، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود.
وقال الإمام النووي في روضة الطالبين وعمدة المفتين في أوقات النوافل الراتبة: والثاني مؤقتة، كالعيد، والضحى، والرواتب التابعة للفرائض. وفي قضائها أقوال. وأظهرها: تقضى. والثاني: لا. والثالث: ما استقل، كالعيد، والضحى، قضي. وما كان تبعًا كالرواتب، فلا. وإذا قلنا: تقضى، فالمشهور أنها تقضى أبدًا.
وجاء في مسائل الإمام أحمد: من فاته ركعتا الفجر فإنه يقضيهما إذا أضحى بعد طلوع الشمس، وهو مذهبه.
الأصل أن تؤدى ركعتا سنة الفجر قبل الفريضة؛ لما روته أم حبيبة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ» أخرجه الترمذي في السنن، والطبراني في الكبير.
وهذا ما قرره أئمة وفقهاء المذاهب المتبوعة كما في بدائع الصنائع لعلاء الدين الكاساني الحنفي، ومواهب الجليل للإمام الحطاب المالكي، والمجموع للإمام النووي الشافعي، والمغني للإمام ابن قدامة الحنبلي.