هل تورط القذافي في قتل أشرف مروان؟.. القصة الكاملة

بعد مرور خمسين عاماً على واحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، في تحقيق موسع أعده الصحفي والخبير الاستخباراتي رونين بيرجمان، أن أشرف مروان – صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومستشار الرئيس أنور السادات – لم يكن جاسوساً لإسرائيل كما روجت الروايات الإسرائيلية لعقود، بل كان جزءاً من خطة خداع استراتيجية مصرية محكمة مهدت لنصر أكتوبر 1973.
الرجل الذي خدع الموساد
ووفقاً للتحقيق المنشور في ملحق "7 أيام"، فقد لعب مروان دوراً محورياً في تنفيذ الخطة المصرية التي استهدفت تضليل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي قبل وأثناء حرب أكتوبر.
ففي الوقت الذي كانت فيه القاهرة ودمشق تستعدان للهجوم المشترك على إسرائيل، نجح مروان في زرع الثقة الكاملة داخل جهاز الموساد حتى أصبحت معلوماته تُعامل كحقائق نهائية لا تحتمل الشك.
لكن المفاجأة التي كشفها التحقيق أن تلك المعلومات لم تكن سوى جزء من خطة تضليل استخباراتية دقيقة أعدتها القاهرة بعناية فائقة، ونجحت في إرباك إسرائيل عشية الحرب.

اعتراف متأخر كثيرَا
ويعيد تقرير «يديعوت أحرونوت» فتح الملف من جديد، قبل أيام من الذكرى الثانية والخمسين لحرب أكتوبر، مؤكداً أن مروان كان “اللاعب الرئيسي في خطة مصرية معقدة هدفت لتضليل إسرائيل".
وعلى مدى سنوات، اعتبر الموساد مروان أهم مصدر بشري لديه، ولقبه بـ«الملاك»، وهي الرواية التي تبنتها كتب وأفلام إسرائيلية عدة، أبرزها كتاب “الملاك.. الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل"، وفيلم "The Angel" الذي أنتجته شبكة “نتفليكس" عام 2018.
لكن التحقيق الجديد يقلب هذه السرديات رأساً على عقب، حبث أكد التحقيق أن “الملاك" لم يكن سوى عبقري مصري خدم وطنه بذكاء خارق، وأربك دولة بأكملها بخطة خداع لم تكشف أوراقها إلا بعد نصف قرن.

روايات اسرائيلية جديدة
وبينما يُغلق الجدل حول هوية مروان الاستخباراتية، فتحت وسائل إعلام إسرائيلية باباً جديداً حول ملابسات وفاته الغامضة في العاصمة البريطانية لندن عام 2007، بزعم أن الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي يقف وراء اغتياله.
ونشرت الصحافية الإسرائيلية سمادار بيري مقالاً ادعت فيه أن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أبلغها شخصياً بمسؤولية القذافي عن مقتل مروان، مشيرة إلى أن ليبيا موّلت ما عُرف بـ«تنظيم ثورة مصر» الذي تورط في اغتيال دبلوماسيين إسرائيليين منتصف الثمانينات.

أرملة مروان تخرج عن صمتها
هذه الرواية قوبلت بنفي قاطع من الدكتورة منى جمال عبد الناصر، أرملة الراحل، التي أكدت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الادعاءات “أكاذيب لا أساس لها من الصحة ولا يوجد ما يدعمها من أدلة"، مشددًة على أن العلاقات التي جمعت العائلتين كانت طيبة للغاية.
وأضافت أرملة مروان: أنه من المستحيل أن يكون القذافي متورطاً فيما حدث، وتوقيت نشر هذه المزاعم يثير الريبة، فهي محاولة جديدة لتشويه التاريخ وتزييف الحقائق.
لغز الرحيل
توفي أشرف مروان في 27 يونيو 2007 إثر سقوطه من شرفة منزله في لندن في ظروف غامضة، ولم تتوصل الشرطة البريطانية حتى اليوم إلى سبب قاطع للوفاة.
ووصفه الرئيس الراحل محمد حسني مبارك بعد الحادث بأنه وطني مخلص قام بأعمال وطنية لم يحن الوقت بعد للكشف عنها، فيما شارك في جنازته عدد كبير من الشخصيات السياسية والعسكرية، من بينهم جمال مبارك نجل الرئيس.
