أصحاب النبي|عامر بن فهيرة..الجندي المعلوم الذي طمس الأثر وخلّدته الهجرة

التاريخ الإسلامي أبرز أسماء لا يمكن نسيانها، تحمل في طياتها مواقف عظيمة، وأدوارًا لا تنسى. ومن بين هؤلاء الصحابي الجليل عامر بن فهيرة، من السابقين إلى الإسلام، ومولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عرف بدوره الحيوي في الهجرة النبوية حين رعى غنم أبي بكر لإخفاء آثار أقدام ابن أبي بكر أثناء رحلة الغار، كما استشهد في غزوة بدر وشارك في سرية بئر معونة التي استشهد فيها أيضًا، ليظل رمزًا للتضحية والإيمان في سبيل الله ورسوله.
من ظلمات العبودية إلى نور الرسالة
أسلم عامر بن فهيرة في وقت مبكر من البعثة، في أيام كان الإسلام فيها يكلف غاليا,و عانى من التعذيب والاضطهاد، شأنه شأن كثير من المستضعفين في مكة,و اشتراه أبو بكر الصديق، ثم أعتقه، ليبدأ مرحلة جديدة من حياته، لا كعبد مملوك، بل كمؤمن حر، يحمل الرسالة في قلبه، ويخدم الدعوة بصدق.
الحارس الصامت لطريق الهجرة
حين قرر النبي محمد ﷺ الهجرة من مكة إلى المدينة، لم يكن عامر بن فهيرة مجرد مرافق، بل لعب دورًا استراتيجيًا بالغ الأهمية. كان يرعى غنم أبي بكر في طريق الغار، ليطمس آثار عبد الله بن أبي بكر، الذي كان ينقل الأخبار للنبي ﷺ. بهذا العمل الذكي، ساعد في تضليل قريش ومنعها من تتبع آثارهم، مما مكّن النبي وصاحبه من الوصول بسلام.
بين بدر وبئر معونة
شارك عامر بن فهيرة في معركة بدر الكبرى، وواصل جهاده في سبيل الله حتى استُشهد في سرية بئر معونة سنة 4 هـ، في حادثة مؤلمة راح ضحيتها عدد من القراء والدعاة، بعد أن غُدر بهم من بعض قبائل العرب. وقد وُجدت جثته بعد المعركة، ليكون من الشهداء الذين ارتقوا في سبيل الله، وبقي ذكرهم خالداً.
سيرة تلهم الأجيال
لم يكن عامر بن فهيرة خطيبًا ولا قائدًا، لكنه كان أنوذجا صامتا من التضحية والإخلاص
ارتقى من عبودية الأرض إلى حرية السماء، ومن الظل، أصبح نجمًا يضيء دروب المؤمنين. سيرته تذكير دائم بأن البطولة لا تقاس بالأضواء، بل بالصدق والإيمان والعمل في اللحظات الفارقة.