تطبيق محادثات يتفوق على واتساب بدعم حكومي هندي لتعزيز السيادة الرقمية

شهدت الهند خلال الأيام الماضية صعودًا لافتًا لتطبيق المحادثات المحلي «أراتاي» (Arattai) الذي تصدر متاجر التطبيقات متفوقًا على تطبيق واتساب العالمي، في ظل دعم مباشر من الحكومة الهندية ضمن جهودها لتعزيز التكنولوجيا الوطنية والسيادة الرقمية.
أراتاي يتفوق على واتساب
التطبيق الذي طورته شركة «زوهو» (Zoho) الهندية المتخصصة في برمجيات المؤسسات، حقق طفرة غير مسبوقة في عدد المستخدمين، بعد أن تخطى عشرة ملايين عملية تنزيل خلال أسابيع قليلة فقط، ويأتي ذلك على خلفية حملة حكومية موسعة شجعت المواطنين والمسؤولين على الاعتماد على التطبيقات المحلية بوصفها بدائل آمنة وسهلة الاستخدام للتطبيقات الأجنبية.
الدعم الحكومي لتطبيق «أراتاي» لم يقتصر على التصريحات، بل تجلّى بوضوح حين أعلن عدد من الوزراء البارزين، بينهم دارميندرا برادهان وبيوش غويال، عبر منصة «إكس» (تويتر سابقًا)، انتقالهم لاستخدام التطبيق الجديد، مؤكدين أنه «آمن، مجاني، وسهل الاستخدام ومن صنع الهند».
هذا الزخم السياسي عزز مكانة التطبيق وربطه بـ رؤية رئيس الوزراء ناريندرا مودي الداعية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي تحت شعار «صُنع في الهند» (Make in India).
ويعكس نجاح «أراتاي» المبدأ المتجدد لحركة «السوادشي» (Swadeshi)، التي تروّج للاعتماد على المنتجات المحلية كرمز للسيادة الوطنية والاقتصادية، في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية بين نيودلهي وواشنطن توترات متزايدة دفعت الحكومة إلى تبني سياسة دعم التطبيقات الوطنية لحماية بيانات المستخدمين وتعزيز الاقتصاد المحلي.
تجربة «أراتاي» ليست الأولى من نوعها؛ فقد شهدت الهند تجارب سابقة بعد التوترات الحدودية مع الصين، حين قررت الحكومة حظر عدد من التطبيقات الصينية الشهيرة، لتبرز حينها منصات محلية مثل Moj وMX TakaTak كبدائل لتطبيق «تيك توك»، لكنها تراجعت لاحقًا أمام المنافسة العالمية.
كما حاولت منصة «كو» (Koo) منافسة «تويتر» بدعم رسمي واسع، لكنها أوقفت عملها في نهاية المطاف رغم النجاح الأولي الذي حققته.
وفي المقابل، تسعى شركة زوهو إلى تفادي أخطاء تلك التجارب من خلال بناء منظومة رقمية متكاملة تشمل الاتصالات والخدمات السحابية وأدوات التعاون المؤسسي، ما يجعلها أكثر قدرة على الاستمرار في سوق يشهد منافسة حادة، وتعتمد الشركة على قوتها المالية والتقنية، إضافة إلى دعم عائلة فمبو المالكة لها، التي تُعد من أغنى العائلات في الهند بثروة تتجاوز ستة مليارات دولار.
ويرى خبراء التقنية أن صعود «أراتاي» يمثل تحولًا رمزيًا في مسار الهند الرقمي، ويجسد مزيجًا من الدعم السياسي والطموح التكنولوجي، في إطار مساعي البلاد لبناء استقلال رقمي حقيقي وتقليل الاعتماد على الشركات الغربية.
ويعتبر كثيرون أن هذه التجربة قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الريادة التقنية الهندية، تُرسخ مفهوم «السيادة الرقمية» في واحدة من أكبر أسواق التكنولوجيا في العالم.