ما حكم غسل الجمعة .. وهل يحرم تركه؟.. الإفتاء توضح

اختلف العلماء في حكم غسل الجمعة، والذي نختاره أنَّه سُنَّة لمَن يحضر الجمعة وإن لم تجب عليه؛ كالصبي والمرأة، ويتأكد استحباب الالتزام به خروجًا مِن خلاف مَن قال بوجوبه من الفقهاء.
ما حكم غسل الجمعة .. وهل يحرم تركه؟
صلاة الجمعة واجبة على كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ ذَكَرٍ مقيمٍ صحيحٍ، فلا تجب على الصبي، ولا المرأة، ولا المسافر، ولا المريض، وعلى هذا اتفاق فقهاء المذاهب الأربعة. ينظر: الاختيار لتعليل المختار للعلامة ابن مودود الموصلي، والتاج والإكليل للإمام المواق، والمهذب للإمام الشيرازي، والكافي في فقه الإمام أحمد للعلامة ابن قدامة المقدسي.
وقد شُرِع في الجمعة الظهور بالمظهر الحسن الذي يستدعي الاغتسال والتطيب، حتى لا يتأذَّى الناس من بعضهم برائحةٍ كريهة؛ وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة أيضًا على أنَّ درجة هذه المشروعية من حيث الأصل هي السُّنَّة والاستحباب، وليس الوجوب؛ قال العلامة ابن مودود الموصلي في الاختيار لتعليل المختار: قال: وغسل الجمعة والعيدين والإحرام سنة، وقيل: مستحب.
ماذا يقول العلماء؟
وقال العلامة الخَرَشي في شرح مختصر خليل: غُسْل الجمعة سُنَّة مُؤكَّدة على المشهور على كلّ مَن حضرها، ولو لم تلزمه من مسافر وعبدٍ وامرأةٍ وصبي، كان ذا رائحة كالقَصَّاب والحَوَّات، والسَّمَّاك، أو لا، وقيَّد اللخمي سُنِّيَّة الغُسْل بمَن لا رائحة له، وإلَّا وجب.
وقال الإمام النووي في المجموع: فصل في الأغسال المسنونة، فمنها غسل الجمعة، وهو سنة عندنا وعند الجمهور.
وقال العلامة ابن قدامة في المغني: ويستحب لمَنْ أَتَى الجمعة أن يَغْتَسل، ويلبس ثوبين نظيفين، ويتطيب، لا خلاف في استحباب ذلك.
بينما ذهب إلى القول بوجوب غسل الجمعة: الظاهرية، وهو رواية عن الإمام أحمد، ومروي أيضًا عن بعض السَّلَف.
قال العلامة ابن قدامة المقدسي في المغني: قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين قديمًا وحديثًا على أن غُسْل الجمعة ليس بفرض واجب. وحكي عن أحمد رواية أخرى أنَّه واجب، وروي ذلك عن أبي هريرة، وعمرو بن سليم، وقاول عمار بن ياسر رجلًا، فقال عمار: أنا إذًا أَشَرُّ ممَّن لا يغتسل يوم الجمعة.
وجاء في المحلى للإمام ابن حزم الظاهري: وغُسْل يوم الجمعة فرض لازم لكل بالغ من الرجال والنساء.
ويدلّ لرجحان القول بسُنِّيَّة الغُسْل لصلاة الجمعة عدة أدلة؛ منها ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ».
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: فيه فضيلة الغُسْل وأنه ليس بواجب.
ومنها ما رواه الإمام النسائي والترمذي في سننيهما عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أَنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ».
وبناءً على ذلك: فإنَّ غُسْل الجمعة سُنَّة لمَن يحضر الجمعة وإن لم تجب عليه؛ كالصبي والمرأة، ويتأكد استحباب الالتزام به خروجًا مِن خلاف مَن قال بوجوبه من أهل العلم.