باحث سياسي يكشف سبب زيارة مبعوث ترامب للرئيس السيسي بقصر الاتحادية

كشف الباحث السياسي جمال رائف عن زيارة ستيفن ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، وجاريد كوشنير، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، إلى القاهرة ولقائهما مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية، على الرغم من أنه كان من المقرر أن يتوجها إلى تل أبيب بعد انتهاء المفاوضات في شرم الشيخ.
وتسائل رائف عبر منشور له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلاً: "لماذ اتجهت طائرة كوشنر وويتكوف للقاهرة بينما كانت من المفترض أن تتوجه إلى تل أبيب".
وأجاب رائف على هذا السؤال، موضحًا: "الأخبار منذ صباح اليوم تتحدث حول مغادرة الثنائي الأمريكي إلى إسرائيل ربما للإعداد لزيارة ترامب لتل أبيب ولكن تفاجأ الجميع أنهم في القاهرة بعد ساعات من تصريحات ترامب بشأن احتمال زيارته لمصر وهذا بالطبع عقب دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي له للقدوم لشرم الشيخ وحضور توقيع اتفاق إنهاء الحرب".
ووصف الباحث السياسي، ذلك الأمر بأنَّه يعد إشارة قوية لدعوة الرئيس السيسي التي لاقت اهتمام ملحوظ لدي الرئيس والإدارة الأمريكية بل أن تواجد الجانب الأمريكي اليوم في القاهرة هو رسالة تؤكد أن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية تسير في الطريق الصحيح وهناك تفهم للثوابت المصرية التي تؤسس لبناء سلام مستدام.
واختتم رائف منشوره قائلاً: "وبالتلي جدد الرئيس السيسي دعوته للرئيس الأمريكي لحضور توقيع الاتفاق خلال تلك المناقشات التي تمثل دفعة سياسية اضافية للمباحثات شرم الشيخ، وباختصار يمكن القول أن الدبلوماسية الرئاسية المصرية استطاعت أن ترتقي بالعلاقات بين البلدين فوق التحديات بحكمة وذكاء شديد".
وبعد عامين من الحرب على قطاع غزة، أعلنت حركة حماس، التوصل إلى اتفاق يقضي بـ إنهاء الحرب على غزة، وانسحاب الاحتلال منها ودخول المساعدات وتبادل الأسرى، حيث يعد نجحًا للدبلوماسية المصرية والتي فرضت كلمتها ووساطتها على مسرح الأحداث لإنهاء الحرب على القطاع وفقًا لجدول زمني محدد برعاية أمريكية تحت مسمى «خطة ترامب للسلام».
إنهاء الحرب على قطاع غزة
ودور مصر في وقف حرب غزة يعدّ محوريا في جهود استعادة السلام في المنطقة، خصوصًا بعدما وافقت مصر على خطة إنهاء الحرب التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي ثم عرضها على الوسطاء مصر في المقدمة ثم قطر وتركيا، حيث شهدت مدينة شرم الشيخ جلسات مفاوضات مكثفة برعاية مصرية، شاركت فيها وفود من الأطراف المعنية، لبحث الترتيبات النهائية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
مفاوضات شرم الشيخ
وشملت جهود الوساطة المصرية رعاية مفاوضات شرم الشيخ التي شارك فيها وفود من الأطراف المعنية، والعمل مع الوسطاء الآخرين مثل قطر وتركيا للوصول إلى اتفاق سلام، مناقشة ملفات محورية مثل قوائم الأسرى والمحتجزين وآلية الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وتنظيم دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات الأساسية إلى غزة بشكل آمن ومنتظم، وأسفرت هذه الجهود عن توقيع إسرائيل وحركة حماس على المرحلة الأولى من خطة السلام التي ترعاها الولايات المتحدة.
حيث تألقت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، باعتبارها أحد اللاعبين الأساسيين في محيط الصراع، يعمل خلف الكواليس لتثبيت وقف إطلاق النار، وتأمين المساعدات الإنسانية، وفتح أبواب الحوار بين الأطراف، مع السعي لبناء خطة لإعادة الإعمار.
الوساطة الدولية والموقف المصري الثابت
أعلن السيسي أنّه ينسّق مع شركاء دوليين من أوروبا والولايات المتحدة لدفع مسارات السلام ووقف الحرب في غزة، مع تركيز خاص على أهمية تبنّي هدنة دائمة تُبقِي على حدّ أدنى من استقرار الأوضاع الإنسانية.
مصر، تحت قيادته، كان لها دور محوري في مفاوضات وقف إطلاق النار، التي بدأت في يناير 2025، بدعم من قطر والولايات المتحدة، وقد رحب الرئيس بهذا الاتفاق الذي تهدّف إلى وقف النزيف وإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة.
تعزيز الجهود الإنسانية وإعادة الإعمار
أكّد السيسي أن مصر تعمل على خطة عربية شاملة لإعادة إعمار غزة، حيث شاركت جهات أمنية وحكومية عدة – منها وزارة الإسكان والجهات الهندسية – في إعداد الوثائق التنفيذية لهذه الخطة، والتي حظيت بدعم زعامات عربية في قمة استثنائية بالقاهرة.
مصر تسعى إلى فتح المعابر وتيسير دخول القوافل الإنسانية إلى القطاع، مع خضوع تلك الجهود لمعايير السرعة وعدم التعطيل، في ظل الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
التحذير من مخاطر التصعيد وتمسّك بالحل السياسي
شدد السيسي في عدة مناسبات على أن استمرار الحرب من دون تهدئة سيؤدي إلى آثار سلبية جمة ليس فقط على غزة، إنما على استقرار المنطقة بأسرها. وقد دعا الجهات الدولية ولا سيّما مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتها والعمل الجاد لإيقاف الصراع.
كما رفض أي اقتراحات قد تؤدّي إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مؤكّدًا أن الشعب الفلسطيني يجب أن يبقى على أرضه، وأن أي حلول تشريعية أو سياسية يجب أن تحترم حقوقه وحقّه في العودة والاستقرار.
تحديات الطريق وآفاق المستقبل
رغم الجهود الكبيرة، لا تزال هناك تحديات جوهرية تعيق التوصل إلى حل دائم: وجود تباينات في المواقف الدولية، الخشية من عدم التزام الأطراف باتفاقيات وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى الكارثة الإنسانية التي تتفاقم يومًا بعد يوم.
في هذا السياق، يبدو أن استراتيجية الرئيس السيسي ترتكز على ثلاث محاور: الوساطة الدبلوماسية – ضمان وصول المساعدات – إعادة الإعمار الشامل، مع الحفاظ على مبدأ الثوابت الوطنية والموقف الذي يحفظ كرامة الفلسطينيين.