عاجل

أيمن سمير: اتفاق وقف الحرب بين إسرائيل وغزة ثمرة الجهد المصري المتواصل

الدكتور أيمن سمير
الدكتور أيمن سمير

أكد الدكتور أيمن سمير، أستاذ العلاقات الدولية، أن الاتفاق الأخير لوقف الحرب بين إسرائيل وقطاع غزة لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة مباشرة للجهد المصري المتواصل على مدار عامين كاملين من التحركات السياسية والدبلوماسية الهادئة، التي قادتها القاهرة بحكمة وثبات حتى نجحت في إنهاء حرب دموية استمرت ما يقرب من 24 شهرًا.

وأوضح سمير، في تصريحات خاصة لموقع نيوز رووم، أن مصر نجحت للمرة الأولى في وقف الحرب مؤقتًا نهاية نوفمبر 2023 لمدة أسبوع، ثم تمكنت مجددًا من فرض هدنة استمرت شهرين كاملين خلال الفترة من 19 يناير إلى 18 مارس من العام الجاري، وهو ما مهد الطريق للوصول إلى الاتفاق التاريخي الأخير الذي تم التوصل إليه في مدينة شرم الشيخ، “مدينة السلام”، بجهود ماراثونية من الدبلوماسية المصرية، مؤكدًا أن هذا الاتفاق يمثل انتصارًا دبلوماسيًا لمصر والشعب الفلسطيني، إذ تضمن بنودًا جوهرية من بينها الوقف الكامل للحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة تدريجيًا، إلى جانب منع تنفيذ مخطط التهجير القسري الذي كان يهدد بتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي.

وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الاتفاق أوقف أيضًا مساعي ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهو ما يعد تطورًا بالغ الأهمية في الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا أن مصر استطاعت أن تصون فكرة قيام الدولة الفلسطينية الموحدة على أراضي الضفة وغزة والقدس الشرقية، ووقف التهجير القسري والتي كانت أكبر خطة من الممكن أن تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية وتحافظ على قيام الدولة الفلسطينية، كما أن هذا الاتفاق يوقف ضم الضفة الغربية لإسرائيل هو أمر في غاية الأهمية .

بتصفية القضية الفلسطينية

وتابع سمير قائلاً إن الاتفاق يتضمن الإفراج عن نحو 250 أسيرًا فلسطينيًا من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات داخل السجون الإسرائيلية، بعضهم صدرت بحقهم أحكام تصل إلى أكثر من 300 عام، مشددًا على أن هذا التطور لم يكن ممكنًا إلا من خلال الوساطة المصرية التي حازت ثقة جميع الأطراف.

وأضاف أن دور مصر لن يتوقف عند حدود التوصل إلى الاتفاق، بل سيمتد إلى ضمان تنفيذه ومتابعة مراحله المختلفة، موضحًا أن المرحلة الأولى تتضمن انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخط الأصفر ودخول المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة إلى القطاع، على أن تبدأ لاحقًا المرحلة الثانية التي تشمل تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة الشؤون اليومية في غزة، إلى جانب مجلس سلام يشرف على إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد المحلي.

وبيّن سمير أن الاتفاق يهدف إلى إعادة إعمار القطاع وتحويله إلى نموذج للاستقرار والتنمية، مع ضمان ألا يتحول إلى مصدر تهديد لجيرانه، مشيرًا إلى أن مصر تعمل على نزع فتيل التوتر داخل غزة بالتوازي مع جهودها السياسية والإغاثية.

وحول فرص استقرار الاتفاق، قال سمير إن التحديات لا تزال قائمة، خاصة مع تاريخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التراجع عن الالتزامات السابقة، إلا أن الضغوط الداخلية في إسرائيل — من خسائر بشرية تجاوزت 20 ألف جندي وضابط ما بين قتيل ومصاب، وانقسامات حادة داخل المجتمع الإسرائيلي — تشكل ضمانة حقيقية لاستمرار التهدئة.

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة حقيقية في التجنيد والتعبئة، حيث تراجعت نسبة الاستجابة للتجنيد من 100% في بداية الحرب إلى نحو 57% فقط الآن، ما يعكس حالة الإنهاك العام التي قد تدفع الحكومة الإسرائيلية للتمسك بخيار السلام.

وفي سياق متصل، أوضح الدكتور أيمن سمير أن الموقف الأمريكي بدأ يشهد تحولًا لافتًا، لافتًا إلى أن كبار أعضاء الكونغرس — بمن فيهم شخصيات يهودية بارزة — دعوا إلى وقف الحرب ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، بينما أظهرت الحركة الداعمة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب موقفًا رافضًا لاستمرار القتال وسؤالًا مباشرًا حول “ما مصلحة أمريكا في تمويل حرب تقتل الأطفال؟”.

واختتم سمير حديثه بالتأكيد على أن الاتفاق المصري يمثل بداية جديدة لمسار سلام شامل في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن هدف المرحلة القادمة لا يقتصر على إنهاء الحرب فحسب، بل فتح الطريق أمام عملية سلام متكاملة قد تشمل لاحقًا انضمام دول أخرى، بما فيها إيران، لبناء منظومة استقرار إقليمي تعيد الأمل لشعوب المنطقة.

تم نسخ الرابط