الأمومة مش سوبر باور… هي قلب يعرف إمتى يحتضن وإمتى يسيب

الأمومة ليست مجرد عاطفة جياشة أو حنان لا حدود له بل هي أيضا فن دقيق في الموازنة بين طرفين متناقضين الحماية و الحرية.
فالأم بطبيعتها ترغب في حماية طفلها من كل خطر، من أول خطواته وحتى سنوات مراهقته، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن الإفراط في الحماية قد يعيق نموه، ويمنعه من تكوين شخصيته المستقلة.
هنا تكمن الصعوبة في كيف تستطيع أن تكون الأم درع واقي لطفلها دون أن تتحول إلى جدار يعزله عن العالم؟
تأثير الحماية المفرطة على نفسية الطفل
منذ لحظة الولادة، تولد مع الأم غريزة فطرية لحماية صغيرها فهي تراقب صحته وتخشى على سلامته، وتحرص على أن يكبر في بيئة آمنة.
هذه الغريزة تمنح الطفل شعور بالثقة والطمأنينة، وهو أساس مهم لبناء شخصيته المستقبلية.
لكن حين تتحول الحماية إلى سيطرة مطلقة، قد يتعلم الطفل الاعتماد المفرط على الآخرين، ويجد صعوبة في اتخاذ قراراته بنفسه.
أهمية منح الطفل الحرية في بناء شخصيته
في المقابل يحتاج الطفل إلى مساحة من الحرية ليجرب ويخطئ ويتعلم الحرية هي المجال الذي يكتشف فيه الطفل ذاته ويصقل مهاراته ويطور قدرته على مواجهة التحديات.
وقد تبدو الحرية في البداية مغامرة غير مضمونة النتائج، لكنها في الحقيقة اللبنة الأولى لبناء شخصية واثقة ومستقلة.
كيف تحدد الأم حدود الحرية بشكل صحي ومتوازن؟
التوازن بين الحماية والحرية لا يتحقق بالقواعد الصارمة بل عبر وعي الأم ومرونتها. على سبيل المثال:
يمكنها أن تسمح لطفلها باللعب في الخارج، لكن مع وضع حدود واضحة للوقت والمكان.
تشجعه على اتخاذ قرارات بسيطة تناسب عمره، كاختيار ملابسه أو هواياته، بينما تبقى حاضرة لدعمه عند الحاجة.
تمنحه فرصة للتجربة، حتى لو أخطأ، وتحول تلك الأخطاء إلى دروس يتعلم منها بدل من أن تحميه من كل تجربة.
الأم الحكيمة هي التي تدرك أن طفلها ليس ملك لها، بل روح مستقلة تستحق أن تنمى وتهيأ لمواجهة الحياة هي التي تمنحه الحرية تحت مظلة الأمان، وتضع له حدود من الحب لا من الخوف.
التوازن بين الحماية والحرية ليس مهمة تنجز في يوم واحد، بل رحلة طويلة تتغير مع مراحل نمو الطفل. كلما نجحت الأم في تحقيق هذا التوازن، ساعدت طفلها على أن يكبر قوي واثق بنفسه، مدرك أن وراءه سند يحميه، وأمامه فضاء يفتح له أبواب الحياة.