"مباراة المحلة وصوامع القمح والخوذة" خداع استراتيجي بتوقيع السادات | تفاصيل

استخدم الرئيس الراحل محمد أنور السادات أسلوب "الخداع الاستراتيجي'" المعروف أيضًا بحرب الخدعة، حيث نجح في إيصال رسالة مضللة للعدو الإسرائيلي تفيد بأن مصر لا تنوي خوض الحرب، وأن الجيش المصري لا يستعد لأي تصعيد عسكري، مما أسهم بشكل كبير في تحقيق عنصر المفاجأة خلال حرب أكتوبر.
وسرد صانع المحتوي محمد أكمير المعروف بـ"الحكواتي" عدد من المواقف التى برزت دهاء الراحل الزعيم محمد أنور السادات وقال : “ بمناسبة حرب أكتوبر تعالى احكيلك عن ماتش في الدوري بين غزل المحلة والطيران يوم ٦ اكتوبر ١٩٧٣م الساعة ٢ ونص الضهر!!! واحدة من ضمن تفاصيل الخداع الاستراتيجي المفضلة بالنسبالي كان رجوع الدوري المصري للعب من تاني بعد النكسة”.
وتحدث الحكواتي عن عودة موسم الدوري ١٩٧٢م ، حيث أوضح أنه رجوع قوي جدا وصعد فريق لمنافسة الأهلي والزمالك والإسماعيلي بقوة وهو غزل المحلة، والمفاجأة أنه تصدر ترتيب الدوري والأخبار روجت لفكرة أن ماتش المحلة والزمالك من أقوى ماتشات الدوري والمدرجات مكتملة والتذاكر وصلت ل١٢٥ قرش.
وتابع قائلًا: " المهم أن في المباراة الفاصلة بين غزل المحلة والبلاستيك كان لازم المحلة تكسب عشان تاخد الدوري لأن الزمالك كان فاضلة نقطة واحدة بس وياخده، فالمحلة كسب، والناس نزلت الشوارع تحتفل، والأخبار غطت، وحققت المراد … الموسم التاني بقا بتاع ١٩٧٣م كان متحدد ماتش لبطل الدوري "غزل المحلة" اللي في الموسم ده كان ترتيبه الثاني، للعب مع فريق الطيران سابع الدوري المصري الممتاز، يوم ٦ أكتوبر الساعة ٢ ونص الضهر، والماتش مشي طبيعي جون للطيران وتعادل للمحلة بعد خمس دقائق، الجماهير مالية الاستاد والناس مستنية غزل المحلة يكسب عشان يقرب فارق نقاطه من أول الدوري!! لحد ما فجأة بيان العبور اتذاع في مكروفونات الملعب واللاعيبة سابت الماتش ورقصت والجمهور قعد يهتف، والحكم أعلن إلغاء المباراة وبعدها الاتحاد أعلن إلغاء الدوري كله، اللي كان كله جزء من تجهيز خطة الخداع الاستراتيجي دي، كله عشان يخدم اللحظة دي بالذات".
خطط استراتيجية بعيدة المدى
وسرد صانع المحتوى الحكواتي عدد من المواقف التى تؤكد نجاح القوات المسلحة فى خداع إسرائيل : “ مثلا ازاي هيفضوا المستشفيات استعدادا للطواريء؟ كانت الفكرة هي انهم يعينوا ظابط طبيب في مستشفى الدمرداش وبالصدفة يكتشف أن فيه ميكروب في المستشفى فيؤمر بإخلائها، وتنشر الأهرام فالناس تخاف يكون باقي المستشفيات كدة فيصدر قرار تفتيش وتفضى المستشفيات”.
- " هيخزنوا قمح ازاي عشان الحرب؟ خبر يقول أن صوامع القمح في مصر غرقت من مياة المطر، تحصل فضيحة والناس تشتم في الحكومة، طب هناكل منين؟ مصر تستورد قمح عشان تسد الفجوة دي ومحدش يربط بينها وبين الاستعداد للعبور.
- هنعلن عن تكليف وزير الخارجية المصري محمد حسن الزيات بعقد لقاء مع هنري كيسنجر لابلاغه برغبة مصر في التفاوض السلمي ويوم ٤ أكتوبر السادات هيوقع عقد مع موبيل وايسو أنهم ينقبوا عن البترول في مصر، يعني هيحصل عبور واحنا جايين ننقب؟
- الدبابات هتتنقل لورش التصليح بحجة العطل والصيانة بس الورش في الخطوط الامامية، القوارب المطاطية هنطلب ضعف الكمية المطلوبة وهنسيبها في الميناء وننقل نصها لصحراء حلوان والباقي هننقله للجبهة، التعبئة هنسرح ٣٠ ألف مجند، هنطلع الظباط عمرة، هنودي وزير الحربية زيارة لليبيا، هنجيب وزير دفاع رومانيا زيارة رسمية يوم ٨ أكتوبر في الأخبار، هنعمل تقرير عن فيلم خلي بالك من زوزو أنه مكتسح السينمات، هنعمل مليون مناورة لحد ما يزهقوا، هنرحل المستشارين الروس، هنصدر للعالم ضعف مصر الاقتصادي، هنوحي للعالم رضوخنا للحل السلمي.
- الخداع وصل لأن موشيه ديان كان في زيارة للجبهة يوم ٦ أكتوبر الصبح وشاف العساكر المصريين مش لابسين الخوذ بتاعتهم فإطمن، لأنه كان ليه تصريح بيقول أنه يعرف أنهم يحاربوا لما يلبسوا خوذاتهم، وكان الأمر المصري أنهم ميلبسوش الخوذ لحد قبل ساعة الصفر بخمس دقايق بس".
ويظل اسم محمد أنور السادات محفورًا في ذاكرة التاريخ المصري والعربي كأحد أعظم القادة الذين غيّروا مجرى الأحداث في القرن العشرين، وقادوا أمتهم نحو النصر والسلام. هو الرئيس الثالث لجمهورية مصر العربية، وقائد نصر السادس من أكتوبر عام 1973، الذي أعاد لمصر كرامتها، وأثبت أن الإرادة الوطنية قادرة على تحقيق المستحيل.
نشأة السادات
وُلد السادات في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1918 بقرية ميت أبو الكوم التابعة لمحافظة المنوفية، لأب مصري كان يعمل كاتبًا بالمستشفى العسكري، وأم من أصول سودانية، نشأ في بيئة ريفية بسيطة، حفظ فيها القرآن الكريم كاملًا في كُتّاب قريته، ثم انتقل إلى مدرسة الأقباط الابتدائية بقرية طوخ دلكا المجاورة لقريته، ومنها إلى القاهرة بعد عودة والده من السودان، حيث التحق بعدة مدارس منها مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية، ومدرسة السلطان حسين، ومدرسة فؤاد الأول الثانوية، وأخيرًا مدرسة رقيّ المعارف بشبرا، التي حصل منها على الثانوية العامة.
التحاقه بالكلية الحربية وبدايات الوعي الوطني
في عام 1936، أبرمت معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا، والتي سمحت بتوسيع الجيش المصري، فأتاحت فرصة نادرة أمام أبناء الطبقة المتوسطة للالتحاق بالكلية الحربية، كان من بين هؤلاء الشاب الطموح أنور السادات، الذي تخرج عام 1938، والتحق بسلاح المشاة بالإسكندرية، ثم نُقل إلى منقباد بأسيوط، وهناك التقى لأول مرة بزميله الذي سيشاركه لاحقًا في تغيير وجه مصر، جمال عبد الناصر.
وفي تلك الفترة، كون السادات مع مجموعة من زملائه جمعية سرية تهدف إلى مقاومة الاحتلال البريطاني وتحرير الوطن، وكانت تلك النواة الأولى لتنظيم الضباط الأحرار الذي سيقود ثورة يوليو بعد سنوات.
الاعتقال والهروب والعمل بين الناس
في عام 1939 نُقل السادات إلى سلاح الإشارة، إلا أن اتصالاته ببعض العناصر الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية جعلته تحت رقابة الإنجليز، فصدر أمر ملكي بالاستغناء عن خدماته واعتقاله، وقضى فترة تنقل خلالها بين سجن الأجانب بالقاهرة ومعتقل ماقوسة بالمنيا ومعتقل الزيتون، قبل أن يتمكن من الهروب عام 1944.
العودة إلى الجيش والمشاركة في ثورة يوليو
بعد سقوط الأحكام العرفية، عاد السادات إلى الجيش عام 1950 برتبة يوزباشي (نقيب) بمساعدة صديقه الطبيب يوسف رشاد، أحد الأطباء المقربين من الملك فاروق. وخلال فترة وجيزة، تمت ترقيته إلى رتبة رائد ثم مقدم، لينضم مجددًا إلى مجموعة الضباط الأحرار.
وفي فجر 23 يوليو 1952، شارك في ثورة يوليو التي أنهت الحكم الملكي وأعلنت قيام الجمهورية، وكان هو من ألقى بيان الثورة الأول عبر الإذاعة المصرية، معلنًا ميلاد عهد جديد.
من نائب الرئيس إلى رئيس الجمهورية
تولى السادات العديد من المناصب بعد الثورة، فكان عضوًا بمجلس قيادة الثورة، ثم رئيسًا لمجلس الأمة، حتى اختاره الرئيس جمال عبد الناصر نائبًا له عام 1969، وبعد رحيل عبد الناصر في سبتمبر 1970، تولى السادات رئاسة الجمهورية بالإنابة، ثم أُقر انتخابه رسميًا بعد استفتاء شعبي واسع.
في أول خطاب له أمام مجلس الأمة، قال عبارته الشهيرة: "أعدكم أنني سأكون للجميع.. للذين قالوا نعم والذين قالوا لا، فالوطن للجميع، والمسؤول مؤتمن على الكل بلا استثناء."
نصر أكتوبر.. واستعادة الكبرياء الوطني
جاء عام 1973 ليكتب أنور السادات أعظم صفحات التاريخ الحديث، حين اتخذ قرار الحرب لتحرير الأرض واستعادة الكرامة. ففي 6 أكتوبر 1973، عبرت القوات المسلحة المصرية قناة السويس وحطمت خط بارليف في ملحمة بطولية شهد بها العالم، واستعادت مصر والعرب ثقتهم بأنفسهم.
كان السادات قائدًا عسكريًا وسياسيًا ذكيًا، جمع بين الحسم في القرار والذكاء في إدارة المعركة، حتى استحق أن يُلقّب بـ بطل الحرب والسلام.
السلام والشجاعة السياسية
بعد تحقيق النصر، أدرك السادات أن الحفاظ على مكاسب الحرب لا يكتمل إلا بالسلام العادل، فقام بخطوته التاريخية غير المسبوقة بزيارة القدس عام 1977، وألقى خطابًا أمام الكنيست الإسرائيلي دعا فيه إلى إنهاء الصراع وإقامة السلام.
أثمرت هذه المبادرة عن اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، التي وُقعت برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ونال عنها جائزة نوبل للسلام مناصفةً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن.
استشهاد السادات
في 6 أكتوبر 1981، وأثناء العرض العسكري احتفالًا بذكرى النصر، اغتيل الرئيس أنور السادات في مشهد صادم لملايين المصريين والعرب، إلا أن ذكراه لم تمت، فقد ظل رمزًا للشجاعة والعبقرية والإرادة الوطنية.
ترك السادات إرثًا وطنيًا وسياسيًا عظيمًا، فقد أعاد بناء الجيش المصري، وحقق النصر والسلام، ورسخ مفهوم القرار الوطني المستقل، ليبقى اسمه خالدًا في ذاكرة التاريخ، وواحدًا من أبرز قادة مصر والعالم في القرن العشرين.