عاجل

مجموعة Alaïa ربيع وصيف 2026: الجسد كمنحوتة، والموضة كلغة للصدق

المجموعة
المجموعة

منذ أن تولّى بيتر مولير إدارة Alaïa عام 2021، نجح في إعادة صياغة إرث الدار العريق بروح معاصرة، لا تبحث عن الضجيج أو التسويق المفرط بقدر ما تركز على جوهر الملابس نفسها. فلسفته واضحة منذ البداية: "إنها فقط عن الملابس، عن البساطة والجمال المصنوع بإتقان"، كما قال في مقابلة عام 2022. 

واليوم، بعد مرور أكثر من أربع سنوات على انطلاق رحلته مع Alaïa، يبدو أن مولير يمضي أبعد من فكرة البساطة ليضيف طبقات من الحدة، التوتر، وحتى شيء من الدعابة على لغته التصميمية.

نقاء راديكالي
 

عرض ربيع وصيف 2026، الذي قُدّم صباح السبت في أسبوع باريس للموضة أمام وجوه بارزة ككيم كارداشيان، غويندولين كريستي وسينثيا إريفو، كان بمثابة استعراض لجوهر ما يعنيه مولير بـ"النقاء الراديكالي". فكل قطعة بدت كأنها تحتاج إلى نظرة ثانية وثالثة، لتكشف عن أبعادها المتعددة. التصاميم لم تُعرض بوصفها مجرد ملابس، بل كأجساد متحركة تكتمل مع الحركة وتنكشف أسرارها من الأمام والجانب والخلف.


افتُتح العرض بقطع مثيرة للفضول: أغطية ساقين مزخرفة بالشراريب بدت في البداية كأنها سراويل ضيقة، قبل أن يظهر أنها تنتهي عند منتصف الفخذ وتتحرك كالجراب مع كل خطوة. ثم ظهرت فساتين كوكون قصيرة بدت للوهلة الأولى كفستان بسيط، لكنها في الحقيقة "بلايسوت" مفتوحة الظهر، ارتدتها العارضات فوق سراويل جينز عالية الخصر. هذا اللعب على الإدراك والازدواجية بين ما يُرى وما يُخفى شكّل أحد أهم مفاتيح العرض.
السراويل بدورها لم تسلم من هذا "التوتر" الذي يتحدث عنه مولير: قصّات جانبية مفتوحة بالكامل من الورك حتى الكاحل، تتمايل مع كل خطوة قبل أن تُربط بخفة عند الكعب. 

صحيح أن المصمم قدّم هذه الفكرة سابقاً، لكنها بدت أكثر تطرفاً هذه المرة، كأنها بيان حول حرية الجسد وانعتاقه من الصيغ الجامدة.

ملابس بين نقيضين
 

مولير عبّر في ملاحظاته عن انشغاله بفكرة "التوتر"، بين الذكورة والأنوثة، بين التستر والكشف، بين الماضي والمستقبل. والنتيجة كانت أزياء تشبه المنحوتات، تُسحب حول الجسد، تُلصق بالجلد وتتمايل معه، لتجعل المرأة في قلب الحركة، نابضة بالحياة. فهناك دائماً إحساس بأن الملابس تُجسّد المرأة، لا العكس. الفساتين القصيرة المقطعة، الأقمشة الملتفة والمفتوحة، كلها قطع تتفتت مع الحركة لتعود وتتجمّع، كما لو أن الأزياء نفسها "تصرخ" بلغة بصرية عن صراع داخلي بين الرغبة في الاحتواء والانعتاق.
لكن وسط هذا التطرف البنيوي، لم يتخل مولير عن الأناقة البسيطة التي تمثل جوهر Alaïa. سترات مربعة بقصّة حادة وياقات عالية تقف شامخة حتى تلامس الشفاه، وسراويل جيرسيه مجمعة ومزروعة في أحذية كعب جلدية سوداء، كانت شاهداً على كيفية تقديم الفخامة من دون بهرجة. إنّها أزياء متقشفة في ظاهرها، لكنها مشحونة بطاقة بصرية وحسية هائلة.
هذا التوازن بين الحدّة والبساطة يترجم رؤية مولير الخاصة: Alaïa ليست داراً تسعى وراء التريند أو السوق، بل دار صغيرة، "إنسانية" كما وصفها بنفسه، حيث الملابس تُصنع لتبقى، لا لموسم واحد. ربما لهذا السبب يشعر المتابع أن كل عرض من عروضه يبني على سابقه، كأنه يكتب فصولاً متتالية من كتاب واحد، حيث الجسد هو النص الأول والأخير.
في نهاية المطاف، قدّم بيتر مولير في Alaïa لربيع وصيف 2026 عرضاً يذكّرنا بما يجعل الموضة فناً حيّاً: الصدق. صدق في التعامل مع الجسد، مع الحركة، مع الزمن. لا حاجة لموضوعات طنانة أو مراجع متكلفة، فقط ملابس تُعانق الجسد كمنحوتة، تترك أثراً يتجاوز الموضة الموسمية.

تم نسخ الرابط