عالم أزهري: الشعور بالضيق أو "الزهق" في رمضان ليس مؤشرًا على ضعف الإيمان (فيديو)

أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن الشعور بالضيق أو "الزهق" خلال شهر رمضان ليس مؤشرًا على ضعف الإيمان، بل قد يكون مرتبطًا بطبيعة الشخصية وظروفها النفسية والاجتماعية.
جاء ذلك خلال مشاركته في برنامج "راحة نفسية"، الذي يُبث على قناة "الناس"، حيث تناول العوامل النفسية التي تجعل البعض يشعرون بعدم الراحة خلال الشهر الكريم.
الشخصيات الانطوائية
أوضح الدكتور المهدي أن بعض الأشخاص، خصوصًا أصحاب الشخصيات الانطوائية أو التجنبية، قد يواجهون صعوبة في التفاعل مع التجمعات العائلية والعزائم الرمضانية هؤلاء الأفراد يشعرون بأنهم مضطرون إلى الانخراط في أنشطة اجتماعية لا تنسجم مع طبيعتهم الهادئة أو ميولهم للعزلة.
وأضاف: "يجب أن نحترم خصوصية هؤلاء الأفراد في رمضان، ونتفهم أن عدم ارتياحهم في التجمعات لا يعني أنهم يرفضون أجواء الشهر الكريم".
ذكريات الطفولة
وأشار المهدي إلى أن هناك من يعانون مشاعر الضيق بسبب ذكريات قديمة تعود إلى مرحلة الطفولة، حين كانوا يُحرمون من أشياء معينة كوسيلة للتأديب.
وأوضح أن الصيام قد يعيد إلى أذهان هؤلاء الأشخاص ذكريات عن الحرمان، مما يؤدي إلى شعورهم بالإحباط والتوتر، مضيفًا: "الحرمان خلال الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل قد يرتبط بتجارب سابقة تثير مشاعر غير مريحة".
تغيير نمط الحياة
ولفت أستاذ الطب النفسي إلى أن التغير المفاجئ في نمط الحياة خلال شهر رمضان، مثل تغيير مواعيد الأكل والنوم، يُعد أحد الأسباب التي تزيد من حدة التوتر لدى البعض، مؤكدًا أن قلة النوم، على وجه الخصوص، تؤثر بشكل كبير على المزاج والسلوك، مما يجعل بعض الأفراد أكثر عصبية وأقل قدرة على تحمل الآخرين.
وقال المهدي: "التغيير في نظام الحياة ليس سهلاً على الجميع، وهناك من لا يتكيفون بسرعة مع اختلاف مواعيد النوم أو الصيام لساعات طويلة، مما يؤدي إلى شعورهم بالإرهاق والتوتر".
أهمية تخفيف الضغوط
وفي حديثه عن كيفية التخفيف من المشاعر السلبية خلال رمضان، شدد الدكتور المهدي على أهمية إعطاء الجسد حقه من الراحة والنوم الكافي، لتجنب الإرهاق النفسي والجسدي، مواصيًا بتقليل الضغوط اليومية بقدر الإمكان، حتى يتمكن الفرد من الاستمتاع بالأجواء الروحانية للشهر الكريم.
وأكد أن رمضان يحمل في طياته فرصة لإعادة ضبط النفس وتحقيق الاسترخاء النفسي والروحي إذا ما تعاملنا مع متطلبات الصيام والتغيرات اليومية بحكمة ومرونة.
دعوة للتفهم والتعاطف
وفي ختام حديثه، دعا الدكتور المهدي أفراد المجتمع إلى التحلي بالتفهم والتعاطف مع الأشخاص الذين قد يشعرون بالضيق خلال رمضان، وعدم إصدار الأحكام عليهم.
وأوضح أن الاختلاف في طبيعة الشخصيات يتطلب تقدير خصوصية كل فرد، مشيرًا إلى أن الروحانية الحقيقية للشهر الكريم تتجسد في التسامح، والتراحم، ودعم الآخرين بما يعزز شعورهم بالسكينة والطمأنينة.
وتؤكد هذه الرؤية النفسية أن الشعور بالضيق في رمضان ليس بالضرورة دليلًا على ضعف الإيمان، بل هو انعكاس لتفاعل النفس مع التغيرات المحيطة، ويبقى الحل في تفهم الذات وتوفير البيئة الداعمة، بما يتيح للفرد الاستفادة من الأجواء الروحية والنفسية الإيجابية للشهر المبارك.