أسامة قابيل: استلهام روح نصر أكتوبر ضرورة لشبابنا لمواجهة تحديات العصر

أكد الدكتور أسامة قابيل، أحد علماء الأزهر الشريف، أن نصر أكتوبر لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل كان في جوهره انتصارًا للإيمان والصبر والعزيمة، مشيرًا إلى أن الإيمان هو القوة الحقيقية التي تصنع النصر في حياة الفرد والمجتمع، لأنه يربط العمل بالإخلاص، والجهد بالنية، ويمنح صاحبه الثبات في وقت المحن والشدائد.
صوت الإيمان في القلوب
وأوضح "قابيل"، فى تصريحات له، أن كلمة "الله أكبر" لم تكن مجرد هتاف في معركة أكتوبر، بل كانت صوت الإيمان في القلوب، وصرخة اليقين التي وحّدت الجنود خلف هدف واحد، وألهمت الأمة كلها، فكانت بمثابة طاقة روحية حرّكت الجبال، وأثبتت أن العقيدة الصادقة تصنع المستحيل.
القرآن الكريم ربط بين الصبر والنصر
وأشار«قابيل» إلى أن القرآن الكريم ربط بين الصبر والنصر في أكثر من موضع، كما في قوله تعالى: "واصبروا إن الله مع الصابرين"، موضحًا أن كل انتصار في التاريخ كان ثمرة صبرٍ طويلٍ، وتخطيطٍ دقيقٍ، وثقةٍ بالله لا تتزعزع، وهي المعاني التي نحتاجها اليوم لمواجهة أزماتنا اليومية بنفس الروح.
وأضاف الدكتور قابيل أن نصر أكتوبر لم يأتِ صدفة، بل جاء بعد تخطيط طويل وسرية شديدة، وهو ما يعلّمنا قيمة الكتمان وحفظ الأسرار في حياتنا الشخصية والمهنية، فالإسلام يدعو إلى الحكمة في القول والفعل، لأن من يحسن إدارة السرّ يملك ناصية القوة، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان".
وتابع قائلًا إن من أبرز سمات جيش أكتوبر احترام القائد وطاعة التعليمات، وهذا من صميم الإسلام، الذي قال فيه الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[سورة النساء: الآية 59]، موضحًا أن الطاعة هنا ليست خضوعًا أعمى، بل التزام بالحق، واحترام للنظام، وتحمل للمسؤولية التي تحفظ وحدة الصف وقوة الأمة.
وأكد أن الإسلام لا يفصل بين حب الوطن والدين، بل يجعلهما متكاملين، فالوطن هو الميدان الذي تُمارس فيه الطاعة والعبادة والعمل الصالح، مشيرًا إلى أن حديث النبي ﷺ: "حب الوطن من الإيمان" وإن كان معناه معنويًا، إلا أنه يعبر عن أصلٍ إسلامي راسخ، وهو أن الإنسان لا يكون مؤمنًا صادقًا إلا إذا أحب وطنه، وسعى في خدمته، وحافظ على أسراره وأمنه.
وأوضح الدكتور قابيل أن الدفاع عن الوطن جهاد في سبيل الله، لأنه حماية للأنفس والأعراض والمقدسات، مؤكدًا أن الجهاد المشروع هو الذي يكون تحت راية الدولة وبأمر وليّ الأمر، وفي إطار القانون والحق، لا الفوضى والتعدي، فالدين جاء ليحفظ الحياة لا ليهدرها.
وأشار إلى أن من أعظم دروس أكتوبر روح الوحدة والتكاتف التي جمعت المصريين، مؤكدًا أن هذه الروح هي سر القوة الحقيقية، وأن استعادتها اليوم ضرورة لمواجهة تحديات العصر، حيث تغلبت المصالح الفردية على المصلحة العامة.
وشدد الدكتور قابيل، على أن الشباب اليوم يواجهون أعداءً من نوع جديد كالإحباط واليأس وفقدان المعنى، داعيًا إياهم إلى استلهام روح أكتوبر في الإيمان والثقة بالله، والعمل المتواصل، وعدم الاستسلام للعقبات، فالنصر الحقيقي أن تنتصر على نفسك قبل عدوك.
وقال الدكتور أسامة قابيل: "الإنسان يمكنه أن ينتصر على أعدائه دون أن يفقد إنسانيته، فالإيمان يمنحه القوة والثبات وقت الشدائد، والقرآن علمنا أن النصر مرتبط باليقين وحسن التوكل لا بالعدد والعتاد، كما قال تعالى: "كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ" (سورة البقرة، الآية 249)
ودعا في ذكرى نصر أكتوبر العظيم، الشعب المصري للحفاظ على روح الإيمان والاحترام والانتماء في قلوب الأجيال القادمة، لتظل راية الوطن خفاقة بالإيمان والعمل والعلم.