أشجار بخور ومر أغلى من الذهب .. كيف كانت رحلة المصريون إلى بلاد بونت ؟

قال الدكتور زاهي حواس عالم الآثار المصرية إن الرحلة المصرية الأولى المؤكدة إلى بلاد بونت العجيبة هي رحلة الملك ساحورع، أحد أهم ملوك الدولة القديمة من عصر بناة الأهرامات، وثاني ملوك الأسرة الخامسة وعاش قبل نحو 4400 عام حيث تعدُّ مناظر ساحورع عن رحلة بونت من أهم المناظر المعروفة لدى علماء المصريات بل إنها أقدم مناظر مصورة عن حملة تجارية إلى بلاد بونت، كشف عنها الدكتور طارق العوضي خلال حفائره حول الطريق الصاعد لهرم الملك ساحورع في منطقة أبو صير، التي تبعُد بضعة كيلومترات عن أهرامات الجيزة الشهيرة، وذلك فيما بين عامي 2002 و2006.
بعثة الملك ساحورع تحضر أشجار ال "عنت"
وأضاف حواس في مقال منشور بصحيفة الشرق الأوسط أن المنظر الأول يصور لحظة وصول السفن التجارية الكبيرة إلى الميناء المصري قادمة من بلاد بونت وعلى متنها مجموعة من أهل بونت من رجال ونساء وأطفال، ومعهم قردة البابون والقردة الخضراء، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من أندر أشجار البخور في العالم، التي أطلق عليها الفراعنة اسم أشجار الـ«عنت، أو العنتيو». ويبدو أن بعثة الملك ساحورع أحضرت تلك الأشجار حية لكي تُزرع للمرة الأولى في الأراضي المصرية، وتحديداً في حديقة قصر الملك ساحورع المُسمى «جمال ساحورع».
وتابع:" يصور المنظر التالي وصول الأشجار النادرة إلى حديقة القصر بعناية فائقة، وغرسها في أماكنها. وعلى متن السفن التجارية نرى أفراد بعثة الملك وألقابهم مكتوبة، ومنهم من حمل لقب «المترجم»، أي أن الحملة كان معها مَن يعرف لغة أهل بونت، ولا نزال لا نعلم هل كان هذا المترجم مصرياً أم أنه كان متمصراً، بمعنى أن يكون أصلاً من بلاد بونت لكنه جاء إلى مصر منذ زمن، ومكث بها، وأصبح مصرياً".
وأضار حواس إلى أن وصول وإعادة زراعة تلك الأشجار كان حدثاً تاريخياً مهماً، لدرجة أن الملك والأسرة الملكية المكونة من أم الملك وزوجته حضرا هذا الحدث ومعهما كبار موظفي الدولة وفي منظر هو الأندر على الإطلاق في الحضارة المصرية القديمة نرى الملك ساحورع بنفسه ممسكاً بفأس صغيرة، ويقوم بالنقر على لحاء الأشجار لكي يساعد في خروج المر منه الذي بمجرد تعرضه للهواء يتحول إلى الحالة الصلبة على لحاء الأشجار.
وأكد أن كل الدراسات التي تمت تشير إلى أن الأشجار التي أحضرها الملك ساحورع من بلاد بونت قد انقرضت منذ زمن بعيد، وللأسف لم يعد لها وجود اليوم وأن هذه الأشجار وما كانت تنتجه من بخور ومر كانت بالنسبة للمصري القديم أغلى من الذهب والفضة. وإلى يومنا هذا توجد أشجار للمر، ثمن الجرام مما تنتجه أغلى من الذهب.