عاجل

رئيس الحكومة المغربية: مستعدون للتجاوب مع المطالب الاجتماعية

رئيس الحكومة المغربية
رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش

في أول تعليق رسمي على التوترات التي تشهدها البلاد، قال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش إن الأيام الماضية عرفت تصعيدًا خطيرًا ومساسًا بالأمن العام، مؤكدًا في الوقت نفسه استعداد حكومته للتجاوب مع المطالب الاجتماعية عبر الحوار المؤسساتي.

جاء ذلك بالتزامن مع إصدار وزارة الداخلية المغربية بيانًا أكدت فيه التزامها بحماية النظام العام وضمان الحريات في إطار القانون، مشيرة إلى أن الاحتجاجات التي عمّت عددًا من المدن تحوّلت إلى أعمال عنف وتخريب، شملت 80 مرفقًا عموميًا وخاصًا، وأسفرت عن إصابة 326 عنصرًا من قوات الأمن.

وأضاف البيان أن التظاهرات شهدت مشاركة واسعة للقاصرين، واستخدمت فيها الحجارة والأسلحة البيضاء، مشيرًا إلى سقوط 3 قتلى و354 جريحًا في الأحداث الأخيرة.

مظاهرات المغرب
مظاهرات المغرب

"مبغيناش كأس العالم.. الصحة أولًا" شعار يحتل الشارع المغربي

تعد الاحتجاجات الحالية، الأكبر منذ حراك 2011، حيث يقودها جيل الشباب المغربي المعروف إعلاميًا بـ"جيل زد - Gen Z 212"، في رد فعل مباشر على تدهور الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الصحة والتعليم، مقابل تركيز الدولة على مشاريع البنية التحتية استعدادًا لتنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.

وشهدت المدن الكبرى مثل الرباط، الدار البيضاء، فاس وأكادير، تظاهرات حاشدة رفع خلالها المتظاهرون شعارات تطالب بتطوير المستشفيات، دعم القطاع التربوي، وتوفير تجهيزات أساسية في المناطق المهمشة.

ويقول مراقبون إن الاحتجاجات تعبّر عن شعور عميق بـ"اختلال ترتيب الأولويات"، حيث يتم ضخ مليارات الدراهم في الملاعب والفنادق، بينما تظل الخدمات الحيوية منهارة، خاصة في ما يُعرف بـ"المغرب غير النافع" – أي المناطق الريفية المهمشة.

مظاهرات المغرب 
مظاهرات المغرب 

واعتبرت نجية أديب، رئيسة جمعية "متقيسش ولادي"، اعتبرت أن "طريقة الاحتجاجات تطرح تساؤلات"، خاصة بعد الاعتداءات على الممتلكات العامة وحرق سيارات، مؤكدة أن الحوار المؤسسي هو السبيل الوحيد لتحقيق المطالب، محذّرة من "اختلاط المطالب المشروعة بمحاولات لإثارة الفتنة".

وأضافت: "حين يذهب المواطن إلى المستشفى ولا يجد حتى الأدوات الأساسية للعلاج، فما دور المسؤول؟ من لا يملك خطة أو قدرة على تسيير القطاع، فعليه أن يرحل ويفتح المجال للشباب".

حادثة "مستشفى الموت" تشعل فتيل الغضب

شكلت وفاة ثماني نساء خلال عمليات قيصرية في مستشفى الحسن الثاني بأكادير صدمة كبيرة للرأي العام، وأشعلت موجة احتجاجات تُعد الشرارة الأولى لهذا الحراك.

ورغم إعلان وزير الصحة أمين التهراوي إعفاء عدد من المسؤولين، فإن الغضب الشعبي تصاعد، وامتد إلى مدن مثل تطوان والدرويش، حيث خرج المواطنون في وقفات احتجاجية تطالب بإصلاح المنظومة الصحية، وزيادة الأطر الطبية، وتوفير التجهيزات الأساسية.

مظاهرات المغرب
مظاهرات المغرب

أزمة الصحة: هجرة الأطباء ونزيف الكفاءات

يعاني النظام الصحي المغربي من نقص حاد في الأطر الطبية، وسط ارتفاع غير مسبوق في هجرة الأطباء نحو الخارج. وتشير البيانات الرسمية إلى وجود أكثر من 10 آلاف طبيب مغربي في الخارج، مقابل حوالي 23 ألف طبيب فقط داخل المملكة.

ويؤكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن المغرب يحتاج إلى 32 ألف طبيب إضافي و65 ألف مهني صحي لتلبية الحد الأدنى من معايير منظمة الصحة العالمية.

وزير الصحة أشار إلى أن الوزارة تعمل على تحسين بيئة العمل والبنية التحتية، إلى جانب إصلاحات قانونية لتحفيز الأطر الصحية على البقاء.

التعليم في أزمة بالمغرب

ويواجه قطاع التعليم تحديات مشابهة، أبرزها الاكتظاظ داخل الفصول، نقص الأطر التربوية، وهشاشة البنية التحتية. فبحسب وزارة التربية، يدرّس حوالي 306 آلاف أستاذ نحو 8.2 ملايين تلميذ، أي بمعدل 38 أستاذًا لكل 1000 تلميذ.

وكشف تقرير صادر عن اليونسكو أن تدني الأجور وصعوبة نظام التقاعد يدفعان 73% من الأساتذة إلى التفكير في ترك المهنة، ورغم تخصيص 85.6 مليار درهم (9.4 مليار دولار) في ميزانية 2025 للتعليم، لا تزال الأزمة قائمة.

وكانت الإضرابات التعليمية قد استمرت نحو 3 أشهر، احتجاجًا على النظام الأساسي الجديد للوزارة، وخصوصًا ما يخص ملف الأساتذة المتعاقدين، والذي قوبل برفض واسع من النقابات والهيئات التربوية.

الحكومة بعد صمت: "فهمنا الرسالة"

بعد أيام من التزام الصمت، خرجت رئاسة الأغلبية الحكومية ببيان قالت فيه إنها تتفهم المطالب الاجتماعية، وتعلن استعدادها للتجاوب معها عبر الحوار المؤسساتي، مؤكدة أن "الإصلاح الذي ينشده الشباب يلتقي مع أولويات الحكومة".

وشدد البيان على أن الحكومة أطلقت ورشًا ضخمة لإصلاح الصحة والتعليم، لكنها تقر أيضًا بوجود تراكمات واختلالات هيكلية، غير أن هذه التصريحات قوبلت بردود فعل غاضبة على مواقع التواصل، حيث طالب عدد من المدونين برحيل الحكومة، متهمين إياها بالعجز عن الوفاء بوعودها، وبالمسؤولية المباشرة عن تدهور المعيشة وارتفاع الأسعار.

تم نسخ الرابط