كلاب الشوراع قنبلة موقوته.. هل وجود 40 مليون كلب خطر يهدد المجتمع؟

ألقت مباحث الجيزة، القبض على المتهم بتسميم كلاب ضالة بمنطقة حدائق الأهرام، بعد ورود عدة بلاغات والعثور على كلاب نافقة تناولت طعامًا مسمومًا، وذلك بالتزامن مع تداول منشورات تزعم تسميم 500 كلب، وهو ما نفته أجهزة المحافظة.
تفاصيل الواقعة
عثر عدد من المحامين في مدينة حدائق الأهرام على ثماني كلاب نافقة تحمل آثار تسمم، حيث تقدموا ببلاغ إلى الجهات الأمنية لتحقيق في هذا الأمر، ومن جانبه كلف محافظ الجيزة، المهندس عادل النجار، الأجهزة التنفيذية بسرعة التحرك والتحقق مما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وشكلت لجنة من حي الهرم تضم أطباءًا بيطريين من إدارة الصحة العامة والأمراض المشتركة، وممثلي منسقي المجتمع المدني مقدمي الشكوى، للمعاينة الميدانية. وأظهرت المعاينة وجود كلبين نافقين بمنطقة (ح)، وسبعة كلاب نافقة بمنطقة (هـ)، وكلبين نافقين بجوار السور الخارجي للبوابة الثانية، ليبلغ إجمالي ما تم رصده 11 كلبًا نافقًا فقط. جرى رفع الجثث والتعامل معها ودفنها بالمدفن الصحي المخصص لذلك، مع استكمال المسار القانوني للواقعة بالتعاون مع النيابة العامة.
وأكدت محافظة الجيزة أن الادعاءات المنشورة على بعض صفحات التواصل وبعض المواقع الإخبارية بخصوص نفوق نحو 500 كلب "غير دقيقة"، مشددة على أن الجهات المعنية تواصل فحص الملابسات، وفي حال ثبوت أي وقائع مخالفة أخرى سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
تحرك رسمي من البرلمان
وكان قد تقدم النائب إبراهيم نظير، عضو مجلس النواب عن دائرة شمال أسيوط، بطلب إحاطة موجه إلى كل من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الزراعة والتنمية المحلية والصحة والبيئة، بشأن الانتشار غير المسبوق للكلاب الضالة في مصر، محذرًا مما وصفه بـ "التهديد الخفي" الذي يواجه المجتمع المصري ويؤثر على الصحة العامة والسلامة البيئية.
وأوضح النائب، في طلبه، أن تحقيقًا استقصائيًا نشر بأحد وسائل الإعلام بالتعاون مع الجمعية الطبية البيطرية المصرية وجمعية الرفق بالحيوان بالقاهرة، كشف عن أرقام صادمة تتعلق بعدد الكلاب الضالة في مصر، والذي يقدر ما بين 20 إلى 40 مليون كلب، مشيرًا إلى أن هذا الرقم مرشح للزيادة بنسبة 20% سنويًا نتيجة عدة عوامل، أبرزها ارتفاع حجم المخلفات البلدية، وغياب خطة فعالة للسيطرة على تكاثر هذه الحيوانات.
تشريعات قائمة دون تنفيذ فعلي
وأشار نظير إلى أن القانون رقم 29 لسنة 2023 بشأن تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب، ورغم تطرقه صراحة إلى قضية الكلاب الضالة، لا تزال آلياته غير مفعلة على أرض الواقع، حيث تعاني الجهات المختصة من نقص حاد في أعداد الأطباء البيطريين، وضعف الإمكانات المادية، وغياب أدوات التعقيم والتخدير، فضلًا عن عدم وجود ملاجئ حكومية مؤهلة في معظم المحافظات.
أمراض قاتلة.. وخطر بيئي متصاعد
وحذر النائب من أن الكلاب الضالة ليست مجرد إزعاج يومي للمواطنين، بل تمثل خطرًا حقيقيًا على الصحة العامة، إذ إن هناك أكثر من 200 مرض يمكن أن ينتقل من الكلاب إلى الإنسان، أبرزها السعار، والبروسيلا، والسل، والطفيليات الخطيرة.
قانون حيازة الكلاب
قالت الدكتورة شيرين زكي، الوكيل السابق لنقابة الأطباء البيطريين، إن قانون حيازة الكلاب الذي صدر من مجلس النواب نص في موادة على إلغاء تسميم الكلاب وهي خطوة كانت يرفضها الأطباء البيطريين التي كانت توكل لها تسميم الأطباء وهم في الأساس مهنتهم الحفاظ عليهم.
الاستراتيجية العالمية لمكافحة السعار
وأضافت زكي، في تصريحات خاصة لموقع نيوز رووم، أن مصر خلال الفترة الماضية وقعت على الاستراتيجية العالمية لمكافحة السعار والتي تستهدف في 2030 عالم بلا سعار، وهي استراتيجية دولية وقعت عليها الحكومة المصرية ومعني بها منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان والتحالف الدولي لمكافحة السعار، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية ملزمة بالاهداف التي وضعتها الاستراتيجية ومنها 1. تطعيم هذه الحيوانات الضالة ضد السعار 2. تعقيم هذه الحيوانات لتقليل انتشارها .
تحرك وطني لمواجهة ظاهرة انتشار الكلاب
ودعت شيرين زكي، إلى تحرك وطني لمواجهة ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في عدد من المناطق، مؤكدة أن هذه الظاهرة لم تعد تحتمل التأجيل، لما تسببه من ذعر وقلق للمواطنين، خاصة الأطفال، وضرورة تضافر جهود عدة جهات رسمية، على رأسها وزارة الصحة، ونقابة الأطباء البيطريين، والأحياء، والأزهر الشريف، موضحة أن الدور التوعوي للأزهر ضروري لتصحيح المفاهيم وتعزيز ثقافة الرحمة والمسؤولية في التعامل مع الحيوانات.
بيئة خصبة لتكاثر الكلاب
وأكدت وكيل النقابة، أن انتشار القمامة بشكل واسع في شوارع مصر يعد من أهم أسباب تفاقم الظاهرة، لأنها تجد غذائها وسط أكوام النفايات المنتشرة بلا رقابة أو تنظيم، مما يجعل الشوارع بيئة خصبة لتكاثرها، وهو كائن حن يبحث عن ما يسد رقمه.
الأسرة يقع على عاتقها دور كبير في تربية الأطفال
وشددت على أن الأسرة يقع على عاتقها دور كبير في تربية الأطفال على احترام الشارع وعدم إيذاء الكلاب، مما يقلل من احتمالات استفزازها، ويحول دون وقوع حوادث مؤسفة، لافتة إلى أن السلوكيات الخاطئة تجاه الحيوانات تسهم في تحفيز غريزتها الهجومية، وخاصة وأن الكلاب تعتمد على العيش في مناطق نفوذ محددة، ما يجعل من الضروري وضع استراتيجية علمية لإدارة الظاهرة، تشمل جهود التحكم في الأعداد، والتوعية، والتعامل الإنساني السليم مع هذه الكائنات.
تعقيم الكلاب يكلف الدولة ميزانية ضخمة
وأكدت زكي، أن تطعيم وتعقيم الكلاب يكلف الدولة ميزانية ضخمة للغاية، على الرغم من أن الاستراتيجة العالمية هي التي توفر التعقيم، كما أن عدد الأطباء البيطريين لا يكفي للتعقيم وخاصة وأن هناك إحصائية غير رسمية تؤكد أن عدد الكلاب في مصر يصل لـ 40 مليون وهو عدد كبير جدا، ويجب على جمعيات المجتمع المدني أن تساعد الدولة في هذه القضية.
وأشارت وكيل اللجنة السابق، أن البيئة تحتاج إلى الكلاب الضالة وهناك زواحف كثيرة ليست منتشرة بسبب وجود الكلاب في الشوارع، ولكن يجب تقنين الأعداد بطريقة علمية ومدروسة يتوافق مع التوازن البيئي.
الكلب البلدي المصري هو من اذكى كلب في العالم
وأوضحت زكي، أن الكلب البلدي المصري هو من اذكى وأشطر الكلاب عالميا، ويجب تدريبة بشكل سريع على الحراسة وتصديرها للخارج والاستفادة منها وخاصة وأنه توجد مراكز عديدة في مصر لتدريب الكلب البلدي.
وطالبت بأن يكون هناك تنسيق بين جميع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ومحبي الحيوانات والمواطن المصري بشكل عام لأن الأمر لا يختص بالطب البيطري فقط حتى يتم تقليل أعداد الكلاب بشكل سريع .
المحليات شلت يدها في هذا الملف
وقال النائب وفيق عزت، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن مجلس النواب أصدر قانون حيازة الحيوانات خلال الفترة الماضية، حيث نص القانون على تجميع الكلاب الضالة وتعقيمها وتطعيمها ضد السعار للحفاظ على صحة المواطنين بمشاركة جمعيات المجتمع المدني، جاء ذلك تعقيبا علي قضية الكلاب الضاله وخاصة بعد العثور على كلاب نافقة يُشتبه بتعرضها للتسمم في أماكن متفرقة في مدينة حدائق الأهرام.
وأضاف "عزت" في تصريحات خاصة لموقع نيوز رووم، أن القانون يمنع قتل الحيوانات سواء بالضرب بالرصاص أو السموم، لافتا إلى أن الحيوانات انتشرت وتكاثرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية في الشوارع والطرقات، لذا نطالب جمعيات المجتمع المدني بتفعيل دورها وما وعدت به بالمساهمه في تعقيم هذه الكلاب وتطعيمها.
وأوضح وكيل اللحنة، أن المحليات شلت يدها في هذا الملف، لأنه في الماضي كانت تتخلص من الكلاب الضالة بالقتل وبعد القانون هذا الأمر أصبح ممنوع فالحل الوحيد الآن هو تجميعها وتطعيمها وإطلاق سراحها مرة آخر.
التعامل مع ملف الكلاب الضالة بطريقة أفضل
ومن جانبه علق الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية والبلدية، على قضية الكلاب الضالة وخاصة بعد العثور على كلاب نافقة يشتبه بتعرضها للتسمم في أماكن متفرقة في مدينة حدائق الأهرام، مؤكدًا أن هذه القضية ليست بالجديدة، وكل يوم نجد أكثر من مشكلة للكلاب الضالة من تسمم البعض منها، ومن عقر البعض الآخر للمواطنين.
وأضاف عرفة، في تصريحات خاصة لموقع "نيوز رووم"، أنه يجب التعامل مع ملف الكلاب الضالة بطريقة أفضل من ذلك، وخاصة أنها تتواجد في جميع المدن على مستوى الجمهورية وتتكاتر بشكل كبير، مشيرًا إلى أن هناك عددًا من الملفات الحيوية في المحافظات، ومنها الكلاب الضالة، ما زالت تفتقر إلى خطة قومية واضحة من جانب المحافظين والمحليات، محذرًا من استمرار غياب التنسيق الاستراتيجي في هذا الشأن.
قضية الكلاب الضالة
وأوضح خبير التنمية المحلية، أنه من الضروري أن يبادر كل محافظ بشكل عاجل بإصدار قرار إداري لتشكيل لجنة دورية لحل الأزمة، تضم مدير مديرية الصحة بالمحافظة، ووكيل وزارة الزراعة، ووكيل وزارة الري، ورئيس الوحدة المحلية في كل قرية، ومدير مديرية الطب البيطري، بالإضافة إلى مدير إدارة البيئة.
قضية الكلاب الضالة
وأوضح أن هذه اللجنة من شأنها وضع آلية واضحة للتنسيق بين الجهات المختلفة، بما يضمن مواجهة التحديات بشكل جماعي ومنظم، مؤكدًا أن غياب هذه الخطة حتى الآن يعكس قصورًا في العمل المؤسسي ويؤثر سلبًا على كفاءة التعامل مع القضايا الملحة.