لماذا أرسلت مصر قواتها إلى تركيا لأول مرة منذ 13 عامًا؟

اختتمت فعاليات التدريب البحري المشترك المصري التركي "بحر الصداقة 2025"، والذي استمر على مدار عدة أيام داخل نطاق المياه الإقليمية التركية، بمشاركة وحدات من القوات البحرية لكلا البلدين، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري وتطوير القدرات المشتركة.
وشهد التدريب، الذي يعد الأول من نوعه منذ 13 عامًا، تنفيذ مجموعة من الأنشطة القتالية والعمليات البحرية التي عكست مستوى عالٍ من التنسيق والاحترافية.
وشملت الفعاليات ورش عمل لتوحيد المفاهيم العملياتية، وتمارين على الرمايات المشتركة باستخدام أسلحة مختلفة، نفذتها وحدات القوات الخاصة المصرية والتركية، ما أبرز كفاءة الطرفين في التعامل مع الأهداف المعادية بدقة عالية.
كما نفذت القوات المشاركة عدة أنشطة بحرية معقدة، مثل تبادل الطائرات الهليكوبتر بين السفن، وعمليات "حق الزيارة والتفتيش" للسفن المشتبه بها، إضافة إلى الإمداد بالبحر وتشكيلات إبحار مشتركة، عكست مدى التجانس وسرعة الاستجابة بين القوات.

ويهدف التدريب بالأساس إلى تعظيم الاستفادة من القدرات العسكرية للجانبين، وتبادل الخبرات في تأمين مسارح العمليات البحرية ضد التهديدات المتغيرة، وهو ما يمثل بعدًا استراتيجيًا في شرق المتوسط الذي يشهد تنافسًا إقليميًا محتدمًا على النفوذ وموارد الطاقة.
التدريب المصري التركي
كانت القوات البحرية المصرية قد وصلت إلى تركيا في 23 سبتمبر 2025 للمشاركة في تدريب "بحر الصداقة – 2025"، والذي أُقيم حتى 26 سبتمبر في شرق البحر المتوسط، حيث يعد هذا التدريب استئنافًا لسلسلة تدريبات "بحر الصداقة" التي انطلقت عام 2009، وتوقفت عام 2013 عقب توتر العلاقات السياسية بين القاهرة وأنقرة.
ويأتي استئناف هذه المناورة العسكرية المشتركة بعد تحسن ملحوظ في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث أعيد تبادل السفراء في 2023، تلاه تبادل زيارات رفيعة المستوى بين وزراء الخارجية والدفاع.

شارك في التدريب وحدات بحرية تركية بارزة مثل الفرقاطتين TCG Oruçreis وTCG Gediz، إلى جانب غواصة TCG Gür، وزوارق هجوم سريعة، وطائرات F-16، مقابل مشاركة وحدات مصرية متنوعة، ضمن خطة شاملة لتبادل الخبرات وتنفيذ التكتيكات القتالية الحديثة.
وشهد يوم 25 سبتمبر "يوم الزائر المميز" بحضور قادة من القوات البحرية المصرية والتركية، في رسالة واضحة على تنامي الثقة المتبادلة.
لماذا هذا التدريب مهم؟
استئناف تدريب "بحر الصداقة" يحمل دلالات سياسية وعسكرية عميقة، إذ يُعد مؤشراً على تحسن العلاقات الثنائية بعد سنوات من الجمود السياسي، ويمثل تحولاً استراتيجياً في موازين التحالفات الإقليمية.
يأتي التدريب في توقيت بالغ الحساسية، وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، خاصة الحرب في غزة والتصعيد مع إيران، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة من الحوثيين في البحر الأحمر.
وتعد المناورة رسالة طمأنة داخلية وخارجية بأن القوات البحرية المصرية على أعلى درجات الجاهزية لحماية المصالح الوطنية، خاصة حقول الغاز في شرق المتوسط.

كما يعزز التعاون العسكري بين اثنين من أكبر الجيوش في المنطقة، ويوفر منصة لتبادل الخبرات في العمليات الخاصة، مكافحة الإرهاب البحري، وأمن الممرات البحرية، بما يعزز الاستقرار الإقليمي.
وانتهاء التدريب لا يعني انتهاء مسار التعاون، بل يتوقع أن يمهد الطريق لتوقيع اتفاقيات جديدة في مجالات الدفاع والطاقة، ربما خلال زيارة مرتقبة لوفد مصري رفيع إلى أنقرة في أكتوبر 2025.

وقد يشمل التعاون في المرحلة المقبلة توسعًا في مجالات التدريب لتشمل المناورات الجوية أو البرية، والتنسيق في إنتاج الصناعات الدفاعية، مثل الطائرات بدون طيار، في إطار مشروع مشترك بين البلدين.