«أوبك» تتمسك بخفض الإنتاج. وخبير: مصر بحاجة لتقليل حساسيتها لأسعار النفط

أكدت منظمة الدول المصدّرة للبترول «أوبك» خلال اجتماعها الأخير استمرار العمل بسياسة خفض الإنتاج، في خطوة تستهدف الحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية ومنع انهيار الأسعار في ظل التحديات الراهنة. وأوضحت المنظمة أن القرار يأتي نتيجة متابعة دقيقة لتطورات العرض والطلب، خاصة مع تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في عدد من الاقتصادات الكبرى، وتزايد المخاطر الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، وهو ما جعل التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين أكثر تعقيدًا.
وشددت «أوبك» على أن التمسك بخفض الإنتاج يهدف إلى توفير حد أدنى من الاستقرار للأسواق، حيث إن أي هبوط حاد في الأسعار قد يضر بالاستثمارات طويلة الأجل في قطاع الطاقة ويؤدي إلى تقليص المعروض مستقبلاً. وفي المقابل، فإن أي زيادات مفاجئة في الأسعار تشكل عبئًا على الاقتصادات المستوردة للطاقة وتؤثر على معدلات التضخم وتكلفة المعيشة.
تذبذب أسعار النفط عالميًا
تشهد أسواق النفط خلال الأشهر الأخيرة حالة من التذبذب الواضح، إذ تراوحت أسعار خام برنت بين مستويات 70 و90 دولارًا للبرميل، متأثرة بعوامل متناقضة تشمل ضعف الطلب العالمي نتيجة التباطؤ الاقتصادي، في مقابل مخاوف نقص المعروض بسبب استمرار الصراعات الإقليمية والعقوبات المفروضة على بعض الدول المنتجة. كما تترقب الأسواق عن كثب تحركات «أوبك+» التي تضم دول المنظمة إلى جانب المنتجين المستقلين، باعتبارها العامل الرئيسي في تحديد مسار الأسعار خلال الفترة المقبلة.
تأثير مباشر على الاقتصاد المصري
وفي هذا السياق، قال د. محمد حليوة خبير البترول ، إن قرارات «أوبك» المتعلقة بمستويات الإنتاج تنعكس بصورة مباشرة على الاقتصادات المستوردة للطاقة، وفي مقدمتها مصر، مشيرًا إلى أن أي ارتفاع في أسعار النفط يترتب عليه زيادة أعباء فاتورة الاستيراد، وهو ما يضغط على الموازنة العامة ويؤثر على موازين المدفوعات. وأضاف أن مصر تستورد جانبًا كبيرًا من احتياجاتها من المنتجات البترولية، وبالتالي فإن حساسية الاقتصاد المحلي تجاه تذبذب الأسعار العالمية تظل قائمة.
وأوضح الخبير في تصريح خاص لنيوز رووم ،أن مواجهة هذه التحديات تتطلب من مصر الإسراع في تنويع مزيج الطاقة، والتوسع في استخدام الغاز الطبيعي المنتج محليًا، إلى جانب تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة التي تُسهم في تقليل الاعتماد على الواردات. كما دعا إلى تطوير أدوات مالية وإستراتيجيات تحوط لمواجهة صدمات الأسعار، بما يتيح قدرًا أكبر من المرونة في إدارة الاقتصاد الكلي.
وأشار إلى أن استقرار قرارات «أوبك» يُعد عنصرًا مهمًا في تهدئة الأسواق، ويمنح الدول المستوردة رؤية أوضح للتخطيط المالي على المدى المتوسط، لافتًا إلى أن قدرة مصر على إدارة مواردها بكفاءة، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة، يمثلان خط الدفاع الأول في مواجهة أي صدمات خارجية قد تطرأ نتيجة قرارات المنظمة أو التطورات الجيوسياسية المفاجئة.
سياسات مصر لمواجهة التحديات
ومن جانبه، لفت إلى أن السياسات التي تنفذها مصر حاليًا، مثل التوسع في مشروعات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، وتطوير مصافي التكرير، وزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح، تعكس توجهًا استراتيجيًا لتقليل التأثر المباشر بتقلبات سوق النفط العالمية.
وأكد أن هذه الجهود، إذا استمرت بوتيرة متسارعة، ستضع الاقتصاد المصري في موقف أكثر قوة لمواجهة قرارات «أوبك» وتداعياتها، بما يضمن توازنًا أفضل بين احتياجات السوق المحلي والمتغيرات الخارجية.