هل يجوز للزوج معاقبة زوجته على ترك الصلاة أو الحجاب بحرمانها من النفقة؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أن ترك الزوجة لبعض التكاليف الشرعية كالحجاب أو الصلاة هو من المعاصي التي تأثم عليها شرعًا، ويجب على الزوج أن ينصحها ويوجهها ويصبر عليها، لكنه لا يملك الحق في حرمانها من النفقة الشرعية أو إسقاطها عنها كوسيلة للضغط أو التأديب.
هل يجوز للزوج معاقبة زوجته على ترك الصلاة أو الحجاب بحرمانها من النفقة؟
وفي بيان علمي موسع صدر عنها، أوضحت الدار أن النفقة الزوجية واجبة على الزوج ما دامت الزوجة غير ناشز، وأن النشوز الذي يسقط النفقة هو تفويت المرأة لحقوق الزوج الشرعية بدون عذر، كالامتناع عن فراشه أو الخروج من بيته بغير إذنه، وليس من النشوز تقصيرها في بعض عباداتها الشخصية كالصلاة أو ارتداء الحجاب.
واستندت الدار في فتواها إلى إجماع فقهاء المذاهب الأربعة، الذين قرروا أن النفقة لا تسقط إلا بالنشوز، وأن معاصي الزوجة المتعلقة بحقوق الله – كترك الصلاة أو التهاون في الحجاب – لا تبيح للزوج معاقبتها بحرمان النفقة، طالما لم تُخلّ بحقوقه الزوجية.
تقصير الزوجة في الطاعة لله لا يسقط حقها في النفقة
وشددت دار الإفتاء على أن الزوج مسؤول عن توجيه زوجته نحو الالتزام بالتكاليف الشرعية، مستشهدة بقوله تعالى:﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132].
وأضافت أن هذا التوجيه يجب أن يكون بالموعظة الحسنة، والصبر، والدعاء، لا بالحرمان من الحقوق أو التسلط.
النفقة ليست مشروطة بصلاة الزوجة أو حجابها
وأوضحت الدار أن النفقة واجبة بمجرد عقد النكاح الصحيح، وتمكين الزوجة لزوجها من حقوقه الشرعية، ولا ترتبط بمدى التزامها الشخصي بالصلاة أو الحجاب، مضيفة أن "حق الزوجة في النفقة لا يسقط إلا بوجود مانع شرعي معتبر، كالنشوز أو الخروج من بيت الزوجية دون إذن".
الضابط الشرعي للنشوز
وبينت دار الإفتاء أن النشوز – الذي يبرر وقف النفقة – هو تفويت الزوجة لحق الزوج في الاستمتاع أو ترك بيت الزوجية بلا إذنه أو امتناعها عن الطاعة الواجبة له، وليس من ذلك تركها الصلاة أو الحجاب، لأن هذه الأوامر حق لله تعالى، والزوج مطالب بالنصح لا بالمعاقبة المالية.
وأكدت أن هذا هو ما استقر عليه العمل في المحاكم المصرية، إذ جاء في المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929م والمعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985م، أن "النفقة لا تجب للزوجة إذا امتنعت عن تسليم نفسها دون حق"، أي في حال النشوز فقط.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن الزوج ليس له أن يتخذ من تقصير زوجته في العبادات ذريعة لإسقاط حقوقها المادية، مشيرة إلى أن هذا الفعل يُعد تعديًا وظلمًا، ويتنافى مع مقاصد الشريعة في بناء الأسرة على المودة والرحمة.
ودعت الدار إلى التحلي بالحكمة والرفق في التعامل بين الزوجين، وإلى مراعاة أن الهداية بيد الله، وأن الدور المطلوب من الزوج هو القدوة الحسنة والموعظة الطيبة لا العقاب المالي.