تشهد الدولة المصرية اليوم مرحلة فارقة من تاريخها السياسي، حيث بات الانفتاح السياسي عنوانًا لمرحلة جديدة تتصدرها دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة استعادة الكفاءات وإفساح المجال أمام جميع الآراء، في مشهد يؤكد أن مصر تسير بخطى واثقة نحو بناء حياة سياسية أكثر نضجًا وتوازنًا.
المتابع للمشهد يلحظ أن الإعلام، كمرآة للمجتمع، عاد ليأخذ مكانه الطبيعي في مقدمة الحراك الوطني، شريكًا في تشكيل وعي الرأي العام، ومنصةً للحوار المسؤول الذي يعكس التعددية ويحتضن اختلاف وجهات النظر. هذه العودة ليست مجرد خطوة تقنية، بل انعكاس لإرادة سياسية واضحة تهدف إلى تعميق المشاركة المجتمعية وتوسيع دائرة النقاش العام.
لقد أدركت القيادة المصرية أن بناء دولة قوية لا يكتمل إلا بفتح الباب أمام العقول والكفاءات الوطنية، وإعادة الاعتبار لصوت الخبرة والفكر، بعد سنوات كانت فيها بعض الطاقات مهمشة أو غائبة. الدعوة إلى عودتهم ليست تكريمًا لأشخاص، بل استثمارًا في طاقات مصرية قادرة على الإضافة وصناعة الفارق، كما يعكس قوة وثبات الرئيس السيسي الذي وجه بنفسه نحو ضرورة الانفتاح ومنع التهميش والإقصاء إدراكًا منه أن مصر تقف على أرض صلبة لاتهزها كلمة.
إن الانفتاح السياسي الذي نعيشه اليوم لا ينفصل عن مشروع الدولة الشامل للتنمية والبناء، بل يأتي مكملًا له، فالتنمية الاقتصادية تحتاج إلى مناخ سياسي صحي، قائم على الشفافية والتنوع والقبول بالآخر. هذا ما يجعل اللحظة الراهنة فرصة تاريخية لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أساس من الشراكة والثقة المتبادلة.
ولعل الرهان الأكبر يكمن في أن يتحول هذا الانفتاح إلى ممارسة يومية داخل المؤسسات السياسية والإعلامية والمدنية، بحيث يجد المواطن نفسه شريكًا حقيقيًا في صناعة القرار، لا مجرد متلقٍ له. فالمجتمعات الحية لا تبنى بالصوت الواحد، وإنما بتعدد الأصوات التي تلتقي على أرضية وطنية مشتركة.
إن مصر، وهي تدخل هذه المرحلة الجديدة، تفتح الباب واسعًا أمام مستقبل سياسي يليق بتاريخها العريق وحاضرها المليء بالتحديات والفرص. وما بين الإرادة السياسية والرغبة المجتمعية، يبقى الأمل قائمًا في أن تتحول هذه الانطلاقة إلى مسار مستدام يعزز مكانة الدولة ويمنح المواطن شعورًا أعمق بالانتماء والمشاركة.