"لا يزال حاضراً رغم الغياب".. مصطفى بكري يرثي عبد الناصر في ذكرى رحيله

أحيا الإعلامي مصطفى بكري ذكرى رحيل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعبّر عن إرثه الكبير بمواقف وكلمات مؤثرة.
وقال بكري من خلال حسابه الرسمي عبر منصة إكس : "٥٥ عامًا مرت على رحيل عبد الناصر، ولا يزال حاضراً رغم الغياب، حاضراً بمواقفه وثوابته، حاضراً في خطاباته التي تذكرنا بمراحل النضال الوطني والتحرري خلال فترة من أخطر الفترات التي واجهت فيها مصر تحديات جسام."
وأكد بكري أن إرث عبد الناصر يظل مصدر إلهام للأجيال، وأن قيمه الوطنية تبقى راسخة في وجدان المصريين.
وذكر بكري في تغريدة له عبر حسابه على منصة إكس، قائلًا: ٥٥ عاما مرت علي الرحيل ، ولايزال عبدالناصر حاضرا رغم الغياب ، حاضرا بمواقفه وثوابته ، حاضرا في خطاباته التي تذكرنا بمراحل النضال الوطني والتحرري خلال فترة من أخطر الفترات التي واجهت فيها مصر تحديات جسام . عبدالناصر لم يكن مجرد ذكري عابره في تاريخ مصر الحديث ، بل هو حلم يتجدد مع كل أزمة تواجه الوطن ، فيخرج الشباب الذي لم يعش هذه الفترة حاملا صوره ومرددا شعاراته . أكثر من خمسة عقود مضت ، لكن عبدالناصر لايزال يحتل الذاكره، لم يستطع خصومه النيل منه ، ولم ينجح أعداؤه في محو أثره، وطمس تاريخه ، بل لايزال أسمه حاضرا في ذاكرة الجماهير . الحرب لاتتوقف ضده وضد إنجازاته ، تشكيك في مواقفه ، تزييف للحقائق ، ومحاولة لإهالة الثري علي واحدة من أنبل الفترات في تاريخ مصر الحديث ،ولكن كل ذلك مصيره الفشل ، ذلك أن عبدالناصر أصبح جزء من الذاكرة الوطنية والقومية والتحررية. تمضي الأيام وتطوي السنوات شهورها ، ويبقي عبدالناصر رمزا للإستقلال والعزة والكرامة ، ملهما للأجيال بتجربته ومواقفه
وكان في يوم 22 فبراير عام 1958، شهد التاريخ لحظة استثنائية عندما وقع الرئيس المصري جمال عبد الناصر ونظيره السوري شكري القوتلي ميثاق إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، إيذانا بقيام الجمهورية العربية المتحدة، كأول تجربة وحدوية عربية في العصر الحديث، بدا المشهد احتفاليًا ومفعمًا بالأمل، حيث اجتمع زعيما أكبر دولتين عربيتين آنذاك في القاهرة، وسط هتافات الجماهير في العواصم العربية.
لكن خلف هذه اللحظة التاريخية، كان هناك حوار جانبي يحمل نبوءة قاسية فور توقيع الاتفاق، حيث التفت القوتلي إلى الرئيس عبد الناصر، وقال له بلهجة جمعت بين المزاح والمرارة: "كان الله في عونك يا سيادة الرئيس، إنك ستحكم شعبًا يعتقد كل فرد فيه أنه سياسي، ونصف الشعب يرى في نفسه الزعامة، وهناك من السوريين من يظنون أنهم أنبياء وآلهة، وهناك من يعبدون الشيطان."
فضحك الزعيم جمال عبد الناصر مجيبًا على سبيل المزاح:"ليه مقولتش الكلام ده قبل ما نمضي على ميثاق الوحدة؟"، ورغم طابع النكتة في الرد لم يكن القوتلي يمزح، فقد عبّر عن واقع سياسي واجتماعي شديد التعقيد، وحاول أن ينبه عبد الناصر إلى حجم التحديات القادمة في سوريا، حيث الفسيفساء السياسية والطائفية، وتاريخ طويل من الانقلابات والصراعات الحزبية.
الوحدة بين مصر وسوريا.. حلم كبير اصطدم بواقع معقد
تشكلت الجمهورية العربية المتحدة لتكون رمزًا لوحدة العرب، وصُمم نظامها السياسي ليكون مركزيًا، حيث أدار عبد الناصر الدولة من القاهرة، وقام بإبعاد عدد كبير من القادة السياسيين السوريين، وحل الأحزاب، وعلى رأسها "حزب البعث"، وهو ما ولّد استياءً متصاعدًا بين النخب السورية.
ورغم البدايات الواعدة، فإن الريبة والشكوك سرعان ما بدأت تتسلل إلى الشارع السوري، وبعد خمسة أشهر فقط من حكم عبد الناصر لسوريا، بدأت المؤشرات الصحية والنفسية تظهر على الزعيم المصري، حيث أُصيب بمرض السكري في سن الأربعين، وهو ما فسره بعض المؤرخين بالضغط الشديد الناتج عن إدارة دولة ذات طبيعة سياسية واقتصادية مختلفة تمامًا عن مصر.
نهاية الحلم.. انقلاب عبد الكريم النحلاوي 1961
استمرت الوحدة ثلاث سنوات وسبعة أشهر فقط، قبل أن تتلقى ضربة قاضية في 28 سبتمبر 1961، حين نفّذ مجموعة من الضباط السوريين بقيادة عبد الكريم النحلاوي مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر في دمشق انقلابًا عسكريًا أطاح بالوحدة، لتعود سوريا دولة مستقلة، في حين اعتبر عبد الناصر الانفصال أول هزيمة سياسية كبيرة له منذ صعوده إلى سدة الحكم.
ووصف جمال عبد الناصر الوحدة عند قيامها بأنها دولة تصون ولا تبدد، تحمي ولا تهدد، تقوّي ولا تضعف، لكن حلمه العربي لم يصمد أمام واقع مرير من الصراعات الداخلية، وتضارب الطموحات، وسوء الفهم المتبادل بين الشعوب والنخب.
ورغم فشل التجربة، بقيت الجمهورية العربية المتحدة رمزًا لمحاولة صادقة لتحقيق الحلم القومي العربي، أما كلمات الرئيس السوري شكري القوتلي، فقد بقيت شاهدة على وعي مبكر بحجم التعقيدات التي يمكن أن تواجه أي مشروع وحدوي لا يُبنى على فهم عميق للخصوصيات السياسية والاجتماعية لكل طرف، حيث كان لسان حال القوتلي يقول:"ليس كل حلم جميلًا قابلًا للتحقق، خاصة إذا تجاهلنا طبيعة من سنحكمهم."