شهد قطاع البترول خلال الأيام القليلة الماضية جدلًا واسعًا عقب الصعود السريع للمهندسة عبير الشربيني، التي حصدت أربعة مناصب كبرى في فترة لم تتجاوز خمسين يومًا فقط، ما اعتبره كثيرون أسرع مسار وظيفي في تاريخ القطاع. فقد تم تعيينها مديرًا عامًا للمكتب الفني بوزارة البترول في السادس من أغسطس، ثم متحدثًا رسميًا للوزارة في الخامس عشر من الشهر نفسه، قبل أن تُختار لاحقًا عضوًا بمجلس إدارة شركتي ميدور وإنبي.
هذا التسارع غير المسبوق في التعيينات أثار تساؤلات وانتقادات عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة من خارج القطاع، بينما رأى آخرون أن الأمر ليس جديدًا على وزارة البترول، التي اعتادت منح العاملين أصحاب الجهد الشاق وبعض القيادات مناصب شرفية تقديرًا لدورهم.
والحقيقة أن ما جرى ليس استثناءً. فمنذ عهد المهندس سامح فهمي وزير البترول الأسبق، درجت العادة على إسناد مناصب شرفية لرؤساء الإدارات المركزية والعاملين الذين يتحملون أعباء كبيرة داخل الوزارة، كنوع من التقدير الأدبي والمادي لمجهوداتهم المتواصلة، وهي ممارسة متعارف عليها داخل القطاع منذ سنوات طويلة.
فهؤلاء الموظفون يمثلون بحق "الجنود المجهولين" داخل الوزارة. لا يعرفون مواعيد عمل ثابتة، ولا يحصلون على “أوفر تايم”، وغالبًا لا يتمتعون بإجازات كاملة، إذ يمتد عملهم لساعات طويلة قد تصل إلى الليل أو تتواصل على مدار 24 ساعة لمتابعة الملفات والقرارات والوفود والفعاليات. وعلى الرغم من هذا الضغط الهائل، فإن رواتبهم تظل مرتبطة بدرجاتهم الوظيفية الأصلية، دون مقابل إضافي يعكس حجم المجهود المبذول أو السفر المستمر أو الوجود الدائم في المؤتمرات داخل مصر وخارجها.
وإذا كانت بعض الإدارات مثل المكتب الإعلامي تتولى مهمة حساسة في ربط الوزارة بالرأي العام وتوضيح الحقائق، فإن ذلك يندرج ضمن الصورة الأشمل لجنود مجهولين يضحون بوقتهم وجهدهم في صمت من أجل خدمة القطاع وضمان سير العمل بأعلى كفاءة.
من هنا، يصبح التقدير الأدبي والمادي لهؤلاء استحقاقًا واجبًا، وليس مجرد منحة أو تفضّل. إن دعم الجنود المجهولين بالوزارة لم يعد رفاهية، بل ضرورة حتمية، لضمان استمرار أداء منظومة العمل بنفس القوة، وتثمينًا لدور من يبذلون جهدًا استثنائيًا من وراء الكواليس دون أن يعرفهم أحد.