تبدو المسألة شديدة البساطة فى وصفها، خليط من العبث والتسرع تعلوه طبقة من التكبر الدسم، وغارق فى مجموعة من "صوصات" عدم الشفافية، والعشوائية ومن فوقهما قطع من مكسرات منتهية الصلاحية.
وصفة بلا طعم ولا رائحة، تثير الجدل ولكنها تصيب المعدة بالغثيان، يبدو أن منهج "بلبن" أصبح سائدا، فأنتج لنا الأهلى فى منتصف رمضان " قشطوطة " الإنسحاب من مباراة القمة والتهديد بالإنسحاب من الدورى، مع طبقة "اسفنجية".. يجتمع مجلس الإدارة يوميا لدراسة الموقف.
الواضع من تبعات الأحداث أن الموقف لم يذق طعم الدراسة أو المنطق أو التحصن باللوائح والقوانين والوثائق، ليس هذا هو الأهلى الذى نعرفه ، الأهلى الذى نعرفه لا يخطو قبل أن يذاكر، ولا يصدر قرارا قبل أن تحضر الوثائق التى تحصنه، أما الأن فالعنوان واضح : حال لا يسر وموقف لا يمكن أن تحسد عليه محمود الخطيب ومجلس إدارة النادى الأهلى، ولا تفلح فى تحسين صورته اللجان الإلكترونية السارحة.
اتخذ الأهلى قراره المتأخر بالإنسحاب من مباراة القمة ، ولاح وشاح بالبيانات والتظلمات والمذكرات، والنتيجة رفضت اللجنة الأولمبية التظلم، وأصدرت الرابطة قرارها بنقاط المبارة الثلاثة لصالح الزمالك فأعادته للمنافسه، وثلاث نقاط عقوبة فأهدت بيراميدز خطوات للتقدم فى جدول الدورى، فأصبحت المنافسه صعبة ، بل وأصبح اللعب فى دورى الأبطال الموسم القادم محل شك وانتظار .
هدايا رمضانية مجانية من مجلس إدارة الأهلى إلى كل المنافسين، الزمالك ، وبيراميدز ، ومنظومة إدارة كرة القدم العبثية فى مصر ، فلا كارت أحمر أظهره الأهلى بأوراق ومستندات تثبت عشوائية الجبلاية والرابطة ، ولا كارت أصفر يخشاه بيراميدز أو يقلقه ويضغط عليه فيما تبقى من مباريات الدورى.
دعك من الفكرة المترددة بين الناس، بأننا لم نعتاد ذلك من الأهلى، الاهلى يلعب ولا ينسحب، يواجه الظروف مهما تقلبت داخل المستطيل الأخضر ، وإن لم يفعل ذلك فى الملعب، ينتصر لنفسه بالوثائق والقوانين واللوائح ، فلا مجلس الإدارة فعل ذلك أو ذاك، ووضع نفسه فى ورطة .
تقول خطأ ، وجل من لايقع فى فخ الأخطاء، ولا تنسوا الفضل بين إدارة الأهلى التى حققت بطولات وجمهورها الذى هتف وفرح بتلك الإنتصارات .. حسنا !
تقول القاعدة من يطرب لأصوات هتاف الجماهير ومديحهم وقت الإنتصار ، لا يجب أن يفزع من غضبهم وقت التعثر والخطأ، خاصة إذا كانت تكلفة هذا الخطأ مادية فيما يخص تحمل الاهلى من عقوبات الإنسحاب من مباراة القمة ، أو رياضية فيما يخص خسارة المنافسه ، أو معنوية فيما يخص اهتزاز صورة المنظومة الإدارية المعتادة داخل النادى الأهلى .
وهنا يأتى السؤال ألا يستحق جمهور الأهلى إيضاحا ومصارحة وإعتذارا ، ألا يستحق الرأى العام فى مصر أن يرى يوما ما من يخطئ بإصرار أن يعترف بعثراته أو يرحل؟.
لا تبدو على الساحة الأن أمام مجلس إدارة النادى الأهلى سوى حل من ثلاث.
الأول أن يخرج مجلس إدارة النادى الأهلى فى مؤتمر صحفى علنى أمام جماهيره يشرح لهم لماذا اتخذ قرار الإنسحاب وعلى أى شئ استند، وماذا حدث، ولماذا رفض الجميع تظلماته وبياناته وجاءت النتيجة صفرية بهذا الشكل ، لا عيب فى أن يعرف الناس الحقيقة ولا عيب فى أن يصحب تلك الحقيقة اعتذارا واضحا لجماهير الأهلى أو مكاشفة واضحة تكشف لنا من أخطأ فى حق الأهلى وأى فساد حدث ، إن كان قد حدث!! استدعى الأهلى للإنسحاب .
الحل الثانى أن يخرج مجلس إدارة النادى الأهلى بإعتذار علنى واضح لجماهيره، اعتذار يتضمن بنودا صريحة تحدد من صاحب القرار، ومن تعثر فى دراسته ، وماهى عقوبته ، ومن يتحمل نتائج ماحدث، وكيف سيتم معالجة كافة الخسائر المادية والمعنوية .؟
الحل الثالث، الإنسحاب، إن كان الإنسحاب من مباراة القمة حلا طبقا لقناعة مجلس إدارة النادى الاهلى ، فلا ضير أن إنسحاب مجلس ادارة النادى الأهلى واستقالته يبدو هو الأخر حلا ، هذا ماصنعته أيديهم، ولا عيب فى أن يتحمل الإنسان نتائج أفعاله .
هذا عن الأهلى ، أما الحدوتة نفسها، فتأتى كما اعتدنا على مر السنوات حلقة جديدة من حلقات الفشل والعبث والعشوائية فى مسلسل إدارة كرة القدم فى مصر، ولكنها حلقة صاخبة وصادمة فى فشلها، أن الأوان أن توقظ مخرج المشهد الرياضى من نومه لإصلاح تلك المنظومة استنادا إلى لوائح وقوانين واضحة ، تطبق على الجميع دون خوف أو حسابات أو مجاملات، قبل أن نستيقظ جميعا على مشهد نهاية كارثى تدفن فيه كرة القدم المصرية وجماهيرها ومسؤوليها وكل تاريخه