يسرى مارديني تنقذ حياة 18 شخصًا في بحر إيجه وتصبح أيقونة عالمية|فيديو

أكدت السباحة السورية يسرى مارديني أن قصتها لا تتعلق بالسباحة أو الإنجازات الرياضية فقط، بل هي شهادة على صمود ملايين اللاجئين الذين اضطروا لمغادرة أوطانهم هربًا من ويلات الحرب.
وقالت مارديني، خلال لقاء مع الإعلامية منى الشاذلي في برنامج "معكم" على قناة ON: "قد يراني البعض السباحة الأولمبية أو سفيرة النوايا الحسنة، لكن قبل كل شيء، أنا فتاة أجبرت على ترك وطني. لم أختر أن أكون لاجئة، بل كنت أعيش حياة طبيعية في دمشق، أحلم بالميداليات الذهبية."
وأضافت مارديني أن حياتها في دمشق كانت مليئة بالأمان والدعم الأسري، خاصة من والدها الذي كان مدربها الأول وداعمها الأكبر. لكنها أوضحت أن الحرب قلبت حياتها رأسًا على عقب، وقالت: "لم نعد نعرف طعم الأمان. سقط صاروخ على المسبح الذي كنت أتدرب فيه، وشعرت حينها أن أحلامي تُسرق مني."
رحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا
تحدثت مارديني عن تفاصيل رحلتها الشاقة من سوريا إلى أوروبا، التي بدأت بالانتقال إلى لبنان، ثم إلى تركيا، قبل أن تركب قاربًا مطاطيًا مكتظًا باللاجئين لعبور بحر إيجه. وقالت: "كان القارب مخصصًا لستة أشخاص فقط، لكننا كنا عشرين. وبعد 20 دقيقة في البحر، تعطل المحرك. لم يكن هناك وقت للخوف، فقفزت أنا وأختي سارة واثنان آخران إلى الماء، وبدأنا في سحب القارب بأيدينا وأرجلنا."
واستغرقت الرحلة ثلاث ساعات ونصف، لكنها كانت رحلة بطولية، إذ تمكنت مارديني وأفراد الفريق من إنقاذ حياة 18 شخصًا كانوا على متن القارب. وذكرت: "لقد كان شعورًا لا يوصف أن تعرف أنك أنقذت حياة أشخاص كانوا يواجهون الموت."
السباحة كرمز للأمل والنجاة
بالرغم من كل المعاناة، لم تفقد مارديني شغفها بالرياضة، واعتبرت السباحة وسيلة للتعبير عن القوة الداخلية والصمود. وقالت: "كل مرة أضع فيها قدمي في الماء، أستحضر ذكريات طفولتي في دمشق، وأتذكر أنني هنا اليوم ليس لأني أنجبت في ميدان الرياضة فحسب، بل لأني صمدت رغم كل الصعاب."
وتضيف: "الرياضة علمتني الصبر والمثابرة، لكنها علمتني أيضًا أن الإنسان قادر على مواجهة أقسى الظروف. رحلتي لم تكن مجرد مسابقة رياضية، بل كانت معركة للنجاة والحفاظ على الإنسانية."
رسالة إنسانية للملايين
اختتمت مارديني حديثها برسالة مؤثرة، مؤكدة أن قصتها ليست استثنائية، بل واحدة من ملايين القصص الإنسانية للاجئين حول العالم. وقالت: "هناك الملايين ممن فقدوا وطنهم، لكنهم لم يفقدوا الأمل قصتي مجرد نافذة صغيرة على معاناتهم وصمودهم."
وأضافت: "أود أن يعرف العالم أن كل لاجئ له قصة جديرة بأن تُروى، وأن الإنسانية تبدأ بالاعتراف بمعاناة الآخرين والعمل على منحهم حياة كريمة."
من الرياضة إلى التأثير العالمي
اليوم، تحولت رحلة مارديني من اللاجئة إلى أولمبية وسفيرة للسلام والأمل، لتكون رمزًا عالميًا للشجاعة والإصرار. وتؤكد أن الرياضة وحدها لم تجعلها بطلة، بل قدرتها على التحمل والمثابرة في مواجهة أقسى التحديات. وقالت: "كل ميدالية، كل إنجاز، هو شهادة على أن الإنسان قادر على تحويل الألم إلى قوة، والخوف إلى أمل."
ختامًا، تعكس قصة يسرى مارديني قدرة الإنسان على التحمل والتفاؤل، وتجسد معاناة الملايين من اللاجئين الذين يسعون وراء الأمان والحياة الكريمة، مع الحفاظ على أحلامهم في مستقبل أفضل. إنها رحلة ملهمة من دمشق إلى الأولمبياد، ومن الألم إلى الأمل، تثبت أن الإرادة الإنسانية لا تقهر.