عاجل

بين الثوابت التاريخية والمتغيرات السياسية.. القضية الفلسطينية فى الشارع المصري إلى أين؟

لافتة كُتب عليها
لافتة كُتب عليها الحرية لمعتقلي التضامن مع فلسطين

لطالما كانت القضية الفلسطينية جزءًا من الوعي الجمعي المصري، إذ تَشَكّل موقف الشارع المصري منها عبر عقود طويلة، متجاوزًا المتغيرات السياسية والأنظمة الحاكمة، ليظل أكثر حدةً وحزمًا تجاه ثوابت القضية الفلسطينية والتحرر الكامل.

ففي حين شهدت العلاقات الرسمية بين مصر وإسرائيل تقلبات عديدة، ظل الشعب المصري على مواقفه الداعمة للمقاومة، والرافضة لأي تسويات تتجاهل حقوق الفلسطينيين التاريخية.

ومنذ اندلاع الصراع، تفاعل المصريون معه بمواقف تتجاوز مجرد التضامن إلى الفعل السياسي والميداني، ما يجعلنا نتساءل: إلى أين يتجه هذا التفاعل الآن في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية؟

عبارة
عبارة "تسقط كامب ديفيد" خلال وقفة احتجاجية على سلم نقابة الصحفيين.

فلسطين في الوعي الشعبي..من الفدائيين إلى انتفاضات الشارع

مع احتلال فلسطين عام 1948، لم يقتصر التفاعل المصري على المستوى الرسمي فقط، بل انخرط آلاف الشباب في العمل الفدائي لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما في منطقة قناة السويس وسيناء.

وخلال الخمسينيات والستينيات، كانت مصر في صدارة المواجهة العسكرية مع الاحتلال، بينما تشكلت في الجامعات والمدارس المصرية حركة طلابية واعية بالقضية، جعلتها قضية داخلية بامتياز.

 

في السبعينيات، ومع توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1978، انفجر الغضب الشعبي، خاصة بين الأوساط الطلابية، حيث اندلعت مظاهرات عارمة في الجامعات المصرية، أبرزها انتفاضة الطلاب عام 1972، التي رفعت شعارات ترفض الصلح مع إسرائيل وتطالب بدعم المقاومة الفلسطينية. 

وعلى مدار الثمانينيات والتسعينيات، استمر التفاعل الشعبي عبر حركات النضال الطلابي والنقابي، التي كانت تخرج إلى الشوارع في كل مرة تتعرض فيها فلسطين لمجزرة أو عدوان.

رفع علم فلسطين خلال أحد المظاهرات بميدان التحرير.
رفع علم فلسطين خلال أحد المظاهرات بميدان التحرير.

الانتفاضتان وثورة يناير..تجدد الزخم الشعبي

 

مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، شهدت مصر موجات متتالية من الاحتجاجات الطلابية والمسيرات الشعبية التي تطالب بوقف التطبيع ودعم المقاومة.

واستمر هذا الزخم خلال الانتفاضة الثانية عام 2000، حيث خرج ملايين المصريين في مظاهرات غير مسبوقة، وبرزت قوى شعبية وحركات سياسية ترفع راية دعم فلسطين، مثل حركة "كفاية" وغيرها.

 

في عام 2011، ومع ثورة يناير، عاد ملف فلسطين إلى الواجهة بقوة، حيث اقتحم متظاهرون السفارة الإسرائيلية في القاهرة، ما دفع إسرائيل إلى سحب سفيرها لأول مرة منذ اتفاقية السلام.

وبدت مصر في تلك اللحظة وكأنها تعود إلى موقعها الطبيعي كقائدة لدعم القضية الفلسطينية، غير أن التطورات السياسية اللاحقة فرضت معادلات جديدة على الأرض.

تحطيم جدارالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة، قبيل اقتحامها من قبل المتظاهرين  خلال ثورة يناير.
تحطيم جدارالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة، قبيل اقتحامها من قبل المتظاهرين  خلال ثورة يناير.

"طوفان الأقصى" وإعادة رسم ملامح المشهد

مع اندلاع معركة "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023، عاد التفاعل الشعبي المصري إلى ذروته، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في القاهرة والمحافظات، تُطالب بفتح المعابر لدعم الفلسطينيين، ووقف التطبيع العربي، وقطع العلاقات مع إسرائيل.

كما برزت حملات المقاطعة الاقتصادية بشكل لافت، في تعبير واضح عن رفض الشعب المصري لأي شكل من أشكال التعامل مع الاحتلال.

أحد وقفات نقابة الصحفيين تنديدًا بجرائم الاحتلال بحق الغزيين.
أحد وقفات نقابة الصحفيين تنديدًا بجرائم الاحتلال بحق الغزيين.

الموقف الرسمي والموقف الشعبي..هوة لا تضيق

 

في أوقات كثيرة، بدا الموقف الرسمي المصري بعيدًا عن نبض الشارع، حيث تحكمه اعتبارات سياسية ودبلوماسية، بينما ظل الشارع المصري أكثر تمسكًا بثوابت القضية الفلسطينية، وأكثر رفضًا لأي تسويات لا تضمن الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني. 

وبينما تفرض التوازنات الدولية والإقليمية حساباتها على الموقف السياسي، يبقى الشارع المصري في حالة اشتعال دائم، مدفوعًا بوعيه التاريخي وموقفه المبدئي من قضية يعتبرها جزءًا من هويته الوطنية والقومية.

طلاب الجامعة الأمريكية يرفعون علم فلسطين داخل الحرم الجامعي.
طلاب الجامعة الأمريكية يرفعون علم فلسطين داخل الحرم الجامعي.
تم نسخ الرابط