عاجل

إيطاليا: الاعتراف بفلسطين مرهون باستبعاد "حماس" وإطلاق سراح المحتجزين

فلسطين
فلسطين

أعلنت الحكومة الإيطالية، عبر تصريحات رسمية نقلتها قناة القاهرة الإخبارية، أنها ستعترف بدولة فلسطينية فقط إذا تم استبعاد حركة حماس من الحكم في قطاع غزة، مع اشتراط إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين. 

الاعتراف بالدولة الفلسطينية قضية مؤجلة

ومنذ إعلان استقلال فلسطين عام 1988، ظل موضوع الاعتراف الدولي الكامل بالدولة الفلسطينية مثار جدل طويل. ورغم اعتراف أكثر من 140 دولة حتى الآن، إلا أن عددًا من الدول الأوروبية الرئيسية، ومنها إيطاليا، لم تقدم على هذه الخطوة، مبررة ذلك بضرورة "ضمان الأمن والاستقرار" و"تحقيق تسوية سياسية شاملة".


ويأتي الموقف الإيطالي الأخير ليضيف طبقة جديدة من التعقيد، حيث ربط الاعتراف بشروط تعتبرها بعض القوى الفلسطينية غير منطقية أو مرفوضة، لاسيما شرط استبعاد حركة حماس التي تمثل سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة منذ عام 2007.

أوروبا بين الموقف الأخلاقي والمصالح السياسية

الموقف الإيطالي يعكس توازنًا حساسًا بين الضغوط الأوروبية الداخلية والخارجية. فمن جهة، تواجه الحكومات الأوروبية دعوات متزايدة من شعوبها ونخبها السياسية للاعتراف بدولة فلسطين، كما فعلت دول مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج مؤخرًا، ومن جهة أخرى، تسعى هذه الحكومات للحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل، الحليف السياسي والعسكري والاقتصادي المهم في المنطقة.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن إيطاليا اختارت موقفًا وسطًا يضمن لها البقاء في صف أوروبا الداعمة لحل الدولتين، دون أن تدخل في مواجهة مباشرة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة التي ما زالت ترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل أحادي.

حماس في قلب المعادلة

الشرط الإيطالي باستبعاد حماس يعكس قلقًا أوروبيًا من النفوذ السياسي والعسكري للحركة إذ تُصنَّف حماس في الاتحاد الأوروبي كـ"منظمة إرهابية"، وهو تصنيف يحد بشدة من فرص الحوار المباشر معها، رغم أنها طرف رئيسي على الأرض في قطاع غزة.

ردود فعل فلسطينية متوقعة

من المتوقع أن يثير التصريح الإيطالي موجة من الرفض في الأوساط الفلسطينية. فبالنسبة للسلطة الوطنية الفلسطينية، التي تسعى جاهدة لحشد اعتراف أوروبي واسع بالدولة الفلسطينية، فإن الشروط الإيطالية قد تُعتبر عقبة جديدة تضعف الجهود الدبلوماسية.


أما حركة حماس، فمن المرجح أن تعتبر الموقف الإيطالي استمرارًا لسياسة "الكيل بمكيالين"، حيث يُراد إقصاؤها من المشهد رغم فوزها بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006 وما تلاها من سيطرة فعلية على قطاع غزة.

الانعكاسات على مستقبل الاعتراف الأوروبي

تصريحات إيطاليا تفتح الباب أمام تساؤلات حول موقف بقية الدول الأوروبية التي لم تعترف بعد بفلسطين، مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا هل ستسير هذه الدول على النهج ذاته، فتربط الاعتراف بشروط مشابهة، أم أنها ستتخذ خطوات أكثر جرأة نحو الاعتراف غير المشروط؟


وفي الوقت نفسه، قد يؤدي هذا الموقف إلى تعزيز الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، بين دول ترى الاعتراف ضرورة أخلاقية وسياسية عاجلة، وأخرى ترى أنه لا بد من توافقات أوسع تشمل إسرائيل والولايات المتحدة قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة.

فلسطين بين الدبلوماسية والواقع الميداني

على أرض الواقع، يظل الشعب الفلسطيني يعيش معاناة الاحتلال والاستيطان والحصار في غزة. وبالنسبة للفلسطينيين، فإن الاعتراف الدولي لا يُنظر إليه فقط كإجراء دبلوماسي، بل كخطوة عملية نحو حماية حقوقهم الوطنية والقانونية على الساحة الدولية.


ومع ذلك، فإن ربط الاعتراف بشروط مثل استبعاد حماس أو إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين يجعل الفلسطينيين يرون في هذه المواقف الأوروبية انحيازًا غير عادل لمصالح إسرائيل على حساب معاناتهم اليومية.

الموقف الإيطالي الأخير يعكس تعقيدات السياسة الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية، حيث تختلط المصالح الأمنية والدبلوماسية بالضغوط الشعبية والأبعاد الأخلاقية. وبينما يظل الاعتراف بدولة فلسطين حلمًا يسعى الفلسطينيون لتحقيقه منذ عقود، يبدو أن الطريق ما زال مليئًا بالعقبات والشروط التي تؤجل الوصول إلى هذا الهدف.

 

تم نسخ الرابط