عاجل

هل يجوز مشاركة الكورسات التعليمية بين عدة أشخاص باشتراك واحد؟

الكورسات
الكورسات

في ظل الانتشار الواسع للكورسات التعليمية عبر الإنترنت، أصبح كثير من الشباب يبحثون عن طرق لتعلم مهارات جديدة بأقل تكلفة ممكنة. ومن بين الأساليب الشائعة أن يشترك شخص واحد فقط في الكورس، ثم يشارك محتواه مع أصدقائه ليتقاسموا التكلفة فيما بينهم

هل يجوز مشاركة الكورسات التعليمية بين عدة أشخاص باشتراك واحد؟

أكدت دار الإفتاء المصرية لا يجوز شرعًا أن يمكِّن المشترك غيره من متابعة الكورسات التعليمية دون إذن صاحبها؛ لأنها من الحقوق الذهنية المقررة لأصحابها شرعًا وعرفًا، فلا يباح الانتفاع بها إلا برضاهم، فإن أجازوا ذلك جاز، وإلا بقي المنع قائمًا


المحافظة على المال من مقاصد الشريعة

جاء الإسلام برعاية الضروريات الخمس: الدين، النفس، العقل، النسل أو العرض، والمال، وجعل حفظها من أعظم المقاصد الشرعية التي اتفقت عليها جميع الشرائع السماوية. وقد رفع الشارع الحكيم شأن هذه المقاصد من مرتبة الحقوق إلى مرتبة الواجبات، فأوجب اتخاذ الوسائل التي تضمن صيانتها وحمايتها، كما بيَّن الإمام الشاطبي في الموافقات .

حكم مشاركة الكورسات التعليمية

قرر الفقهاء أن كل ما له قيمة ومنفعة معتبرة يدخل في مسمى المال، سواء كان عينًا أو منفعة أو حقًا. قال الزركشي في المنثور : “المال ما كان منتفعًا به…”، وبيَّن ابن عابدين أن المالية تثبت بما يقبله الناس ويميلون إليه، بينما عرَّف السيوطي المال بأنه ما له قيمة ويباع ويلزم متلفه ضمانه.

وبناءً على ذلك، فإن الحقوق الفكرية والأدبية والفنية والعلامات التجارية والبراءات، والتي تُعرف اليوم بـ الحقوق الذهنية، تعدّ أموالًا أو منافع مشروعة، يثبت لأصحابها حق التملك والاختصاص بها، ولا يجوز التعدي عليها. والكورسات التعليمية -ومنها دورات الفوتوشوب- تدخل في هذا الباب، إذ إنها ثمرة جهد علمي وفكري مبذول، وتُطرح عبر الحضور المباشر أو المنصات الإلكترونية وفق ضوابط محددة يضعها مقدمو الخدمة.

الضوابط الشرعية


1. حرمة الاعتداء على أموال الغير
قال النبي ﷺ: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» (البيهقي). فاستعمال الكورسات أو مشاركتها بغير إذن أصحابها يُعد أخذًا للحقوق بالباطل، وهو ما نهى الله عنه في قوله تعالى:
• ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29].
• ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ…﴾ [البقرة: 188].
2. وجوب الالتزام بالشروط والاتفاقات
حين يتيح مقدم الخدمة رابطًا خاصًا لمشترك واحد، فهذا بمثابة شرط ضمني، والشرط في العقود ملزم، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، ولقول النبي ﷺ: «المسلمون على شروطهم» (الترمذي).
3. الغش والتدليس
تمكين غير المشتركين من مشاهدة الكورس يُعد نوعًا من الغش، وقد قال رسول الله ﷺ: «من غش فليس منا» (مسلم). والغش محرَّم بالإجماع لما فيه من خيانة وتضييع لحقوق الناس.
4. الفرق بين تمليك الانتفاع والمنفعة
من اشترك في كورس فهو مالكٌ للانتفاع بنفسه فقط، وليس له أن يتيح لغيره المشاهدة إلا بإذن صاحب الحق، كما قرر القرافي في الفروق.

الموقف القانوني

أكد قانون حماية الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002 على صيانة هذه الحقوق، ورتب عقوبات على المعتدين عليها. حيث نصت المادة (181) على معاقبة من يبيع أو يشارك أو يطرح مادة محمية دون إذن كتابي من صاحب الحق بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة بين خمسة وعشرة آلاف جنيه أو بإحدى العقوبتين.

تم نسخ الرابط