مصر تسدد 500 مليون دولار من مديونيات شركات البترول الأجنبية.. وتتعهد بتصفيتها

في خطوة جديدة لتعزيز الثقة مع الشركاء الأجانب بقطاع البترول، سددت الحكومة المصرية دفعة قدرها 500 مليون دولار من المستحقات المتأخرة لشركات النفط العالمية العاملة في السوق المحلية خلال شهر سبتمبر الجاري، وفقا لمسؤول حكومي رفيع المستوى لـ"نيوز رووم".
وبعد هذه التسوية، تراجعت المديونيات المتبقية إلى نحو 1.7 مليار دولار، من المقرر سداد 620 مليون دولار منها قبل نهاية العام، على أن تُصفى كامل المتأخرات بشكل نهائي في الربع الأول من عام 2026، وفق تعهدات رسمية قدمتها القاهرة للشركات.
ضغوط على ميزان الطاقة
تأتي هذه التحركات في وقت يشهد فيه سوق الطاقة المصري ضغوطاً متزايدة، بعد تراجع إنتاج الغاز الطبيعي إلى نحو 4 مليارات قدم مكعب يومياً، وهو مستوى أقل بكثير من ذروة الاستهلاك المحلي التي تصل إلى 7 مليارات قدم مكعب يومياً خلال فصل الصيف، ما اضطر مصر للعودة إلى استيراد الغاز المسال بعد خمس سنوات من الاكتفاء الذاتي والتصدير.
وتراهن الدولة على حقل ظهر باعتباره القاطرة الأساسية لاستعادة التوازن في الإنتاج، عبر خطة لحفر آبار جديدة وتنمية الآبار القائمة بما يرفع الاحتياطيات القابلة للاستخراج. كما تستعد وزارة البترول لطرح مزيد من مناطق البحث والاستكشاف أمام الشركات العالمية خلال الفترة المقبلة.
ووفق تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإن الحكومة تستهدف رفع إنتاج الغاز إلى 6.6 مليار قدم مكعب يومياً بحلول 2027، وهو ما سيمكن البلاد من العودة مجدداً إلى موقع المصدّر للأسواق الأوروبية والإقليمية.
جدير بالذكر أنه تراكمت المستحقات على الحكومة بشكل لافت عقب عام 2011، متجاوزة 6 مليارات دولار في بعض الفترات، مما دفع عدداً من الشركات لتقليص استثماراتها والتباطؤ في عمليات تنمية الحقول. ومنذ عام 2014 بدأت الدولة خطة تدريجية لتسوية هذه المتأخرات عبر دفعات منتظمة، أسهمت في استعادة ثقة الشركات العالمية وتشجيعها على ضخ استثمارات جديدة، خاصة مع اكتشاف حقل "ظهر" في 2015 الذي غيّر خريطة الغاز في شرق المتوسط.
ومن جانبه اكد الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن انتظام الحكومة في سداد مستحقات الشركاء الأجانب "خطوة محورية" للحفاظ على جاذبية قطاع الطاقة المصري أمام المستثمرين الدوليين.
وأوضح في تصريح خاص لنيوز رووم ،أن تصفية هذه الالتزامات يبعث برسالة واضحة على التزام الدولة بتعهداتها، بما يضمن استمرار عمليات الاستكشاف والتنمية في الحقول القائمة، ويفتح المجال أمام دخول استثمارات جديدة في مناطق الامتياز المطروحة. وأضاف أن هذه الخطوة تكتسب أهمية مضاعفة في ظل المنافسة القوية بين دول المنطقة على جذب الاستثمارات النفطية والغازية.