بسبب موقف محرج سابق.. البنتاجون يفرض قيودًا مشددة على الصحفيين

قالت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، إنها ستطلب من الصحفيين المعتمدين في المقر العسكري التوقيع على تعهد بالامتناع عن نشر معلومات لم يتم التصريح بنشرها، بما في ذلك المعلومات غير السرية، وفق ما ورد عن صحيفة "نيويورك تايمز".
وتعد هذه القيود هي الأحدث في عهد وزير الدفاع بيت هيجسيث، الذي قام مكتبه في السابق بطرد وسائل الإعلام الرئيسية من المساحات الإعلامية العادية داخل المجمع.
وفي مذكرة وزعت على وسائل الإعلام يوم الجمعة، قالت وزارة الدفاع، التي أعادت إدارة ترامب تسميتها بوزارة الحرب، إنه في حين أنها "تظل ملتزمة بالشفافية لتعزيز المساءلة والثقة العامة"، فإن المعلومات "يجب الموافقة عليها للنشر العام من قبل مسؤول مخول مناسب قبل إصدارها، حتى لو كانت غير سرية".
أضاف هيجسيث: "الصحافة لا تُدير البنتاجون، بل الشعب هو من يُديره، لم يعد يُسمح للصحافة بالتجول في أروقة منشأة مُحصّنة، ارتدِ شارة واتبع القواعد، أو عد إلى المنزل".
كواليس ما قبل القرار
بحسب صحيفة "ABC news"، فقد تعرض البنتاجون لموقف محرج في بداية عهد هيجسيث، عندما ظهر رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك"، جيفري جولدبرج، عن غير قصد في محادثة جماعية على تطبيق "سيجنال" للمراسلة، حيث ناقش وزير الدفاع خططًا لضربات عسكرية قادمة في اليمن، وتحمّل مستشار الأمن القومي السابق لترامب، مايك والتز، مسؤولية مشاركة جولدبرج، ونُقل إلى وظيفة أخرى.
كما شعرت وزارة الدفاع الأمريكية بالحرج من تسريب لصحيفة "نيويورك تايمز" يفيد بأن الملياردير إيلون ماسك سيتلقى إحاطة بشأن خطط الجيش الأمريكي في حال اندلاع حرب مع الصين، ولم تُعقد هذه الإحاطة قط، بأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأوقف هيجسيث اثنين من مسؤولي البنتاجون عن العمل في إطار تحقيق في كيفية تسرب هذا الخبر.
انتفاضة صحفية أمريكية
وفي يوم السبت، اعترضت جمعية الصحفيين المحترفين أيضًا على خطوة البنتاجون، ووصفتها بأنها "مثيرة للقلق"، وقالت في بيان لها يوم السبت: "تنضح هذه السياسة بتقييد مسبق وهو أفظع انتهاك لحرية الصحافة بموجب التعديل الأول، وهي خطوة خطيرة نحو الرقابة الحكومية".
وأضافت: "إن محاولات إسكات الصحافة تحت ستار الأمن جزء من نمط مقلق من عداء حكومي متزايد تجاه الشفافية والمعايير الديمقراطية".
وقال مات موراي، رئيس تحرير صحيفة واشنطن بوست، في مقالاته بالصحيفة يوم السبت، إن السياسة الجديدة تتعارض مع ما هو جيد للشعب الأمريكي.
وقال موراي: "يحمي الدستور الحق في الإبلاغ عن أنشطة المسؤولين الحكوميين المنتخبين والمعينين ديمقراطيًا"، مضيفًا: "أي محاولة للسيطرة على الرسائل وتقييد الوصول إليها من قِبل الحكومة تتعارض مع التعديل الأول للدستور وتتعارض مع المصلحة العامة".
بحسب موقع “deadline”، وقال متحدث باسم صحيفة نيويورك تايمز : "إن مطالبة الصحفيين المستقلين بالخضوع لهذه القيود يتناقض بشكل صارخ مع الحماية الدستورية لحرية الصحافة في ظل نظام ديمقراطي، ويمثل محاولة مستمرة لخنق حق الجمهور في فهم ما تقوم به حكومته، هذه خطوة أخرى في نمط مقلق يتمثل في تقليص الوصول إلى ما يقوم به الجيش الأمريكي على حساب دافعي الضرائب. سيواصل صحفيونا نقل الحقائق بعمق وإنصاف".
وقال رئيس نادي الصحافة الوطني مايك بالسامو إن السياسة الجديدة "تشكل هجوما مباشرا على الصحافة المستقلة في نفس المكان الذي تحظى فيه الرقابة المستقلة بأهمية كبيرة: الجيش الأميركي".
وقال مايك بالسامو، رئيس نادي الصحافة الوطني، والمحرر الوطني لشؤون إنفاذ القانون في وكالة أسوشيتد برس: "إذا كان لا بد من موافقة الحكومة على الأخبار المتعلقة بجيشنا أولا، فلن يحصل الجمهور على تقارير مستقلة، بل سيحصل فقط على ما يريد المسؤولون رؤيته"، وأضاف: "هذا ينبغي أن يُثير قلق كل أمريكي".
على مدى أجيال، زوّد مراسلو البنتاجون الجمهور بمعلومات حيوية حول كيفية خوض الحروب، وكيفية إنفاق أموال الدفاع، وكيفية اتخاذ القرارات التي تُعرّض حياة الأمريكيين للخطر، وما كان هذا العمل ممكنًا إلا بفضل قدرة المراسلين على البحث عن الحقائق دون الحاجة إلى إذن حكومي.