عاجل

ما حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟.. الإفتاء توضح

مريض في العناية
مريض في العناية

تُعَد الطهارة المدخل الأول للصلاة، وهي فريضة لا تصح من دونها، لكن ماذا عن المريض الذي يرقد في العناية المركزة، عاجزًا عن الحركة أو القيام بما اعتاده المسلم في وضوئه وغسله

حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة

وفي هذا السياق أكدت دار الإفتاء أنه يُلزم المريض المحجوز داخل العناية المركزة بالوضوء أو الغسل إذا قرر الأطباء أن استعمال الماء يُعرض حياته للخطر أو يزيد من مرضه؛ إذ إن حفظ النفس مقدم في الشريعة الإسلامية، عملًا بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]. وقد جاء في السيرة أن عمرو بن العاص رضي الله عنه احتلم في ليلة باردة أثناء غزوة ذات السلاسل، وخشي أن يهلك إن اغتسل، فتيمم وصلّى بالناس، فلما ذكر الأمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال له: «يَا عَمْرُو، صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟» فأخبره بالعذر، واستدل بالآية الكريمة، فتبسّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إقرارًا ولم يعترض.
وعليه، فإن هذا المريض إذا أراد أداء الصلاة فالأصل أن يتيمم، فإن تعذر عليه حتى التيمم صلّى على حاله من غير طهارة حسية أو معنوية، وتكون صلاته صحيحة ومجزئة، ولا يطالب بقضائها بعد ذلك

طهارة البدن والثوب والمكان وصحة الصلاة


تُعد طهارة الثوب والبدن والمكان من أساسيات صحة الصلاة، وهو ما دلّت عليه نصوص الكتاب والسنة، فقد أمر الله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]، فقد فسّر الإمام الشافعي في “تفسيره” أن المراد وجوب الصلاة في ثياب طاهرة، كما أن طهارة البدن أمر متفق عليه بين الفقهاء، استنادًا لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما من تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ترك غسل ما ينجسه الإنسان من البول أو النجاسات الأخرى، وهو ما دلّ على وجوب الغسل والتحرز عن النجاسة لضمان صحة الصلاة.

ومن شروط صحة الصلاة أيضًا الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، كما بيّن الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».

حكم الطهارة لمن يتعذّر عليه استعمال الماء


في حالة من لا يستطيع استعمال الماء، كما هو الحال مع مرضى العناية المركزة، يُرفع عنه الحرج الشرعي حفاظًا على النفس، استنادًا لقوله تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة: 6]، وما ورد من توجيهات النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأصحاب الذين تعذر عليهم الغسل أو الماء لأسباب ضرورية أو خوف من الضرر، كما في حادثة عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل، حيث تيمّم وصلّى بالناس ولم يُنكر عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

حكم التيمم لمن تعذر عليه


يجوز للمريض التيمم إذا تعذّر عليه استعمال الماء، ويتم التيمم بمسّ الصعيد الطاهر باليدين مرتين: الأولى لمسح الوجه، والثانية لمسح اليدين إلى المرفقين، كما بينت الآية: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: 6]، وأشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ».

وإذا تعذر على المريض التيمم أيضًا، يجوز له أداء الصلاة على حاله دون وضوء أو تيمم، ولا إعادة عليه، وذلك مراعاةً لحرمة الوقت وحفظ النفس، وهو المذهب الأصح عند جمهور الفقهاء، كما ورد في مؤلفاتهم من قبيل “الإنصاف” للمرّداوي و”كشاف القناع” للبهوتي، ويُقدَّر التعذّر أو العسر بواسطة الطبيب المختص حسب حالته الصحية.

وعليه، فالمريض إذا لم يستطع استعمال الماء، فتتم الطهارة بالتيمم، وإن تعذّر حتى التيمم، يصلي على حاله، وتكون صلاته صحيحة ومجزئة، دون الحاجة لإعادة الصلاة

تم نسخ الرابط