عاجل

جائز أم تعد من البدعة …ما حكم استعمال السبحة في الذكر؟

السبحة
السبحة

في زمنٍ تتعدد فيه وسائل التعبد وتتنوع أدوات المسلم في التقرب إلى الله، تظل “السبحة” علامةً بارزة في حياة الكثير من الذاكرين ويبرز تساؤل ما حكم استعمال السبحة في الذكر؟

وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أن التسبيح باستخدام السبحة أمرٌ جائز شرعًا، بل هو من الأمور المستحسنة والمندوب إليها، إذ يُعَدّ وسيلةً من وسائل ذكر الله تعالى، والقاعدة الفقهية تقرر أن حكم الوسائل من حكم المقاصد؛ فكما أن الذكر مندوب، فإن ما يعين عليه يكون مندوبًا أيضًا. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على إقراره لذلك، كما ثبت عن الصحابة والتابعين استعمالهم لها دون اعتراض أو إنكار. ومن ثمّ، فإن الادعاء ببدعية التسبيح بالسبحة لا يقوم على أساس صحيح، ولا يُلتفت إلى هذه الآراء التي تفتقر إلى السند العقلي أو النقلي

استخدام السبحة في الذكر

تُعَدّ “السبحة” من أكثر الوسائل شيوعًا بين المسلمين لممارسة التسبيح والذكر، حتى غدت مشهدًا مألوفًا في البيوت والمساجد، وأداةً لا تفارق أيدي الكثيرين من كبار السن والذاكرين. ورغم ذلك، لم تخلُ الساحة من جدلٍ متكرر حول مشروعية استخدامها؛ فهناك من يعتبرها بدعة، بينما يؤكد الفقهاء أنها وسيلة مشروعة وداخلة في إطار ما أقرّه الشرع.

أجمع العلماء على أن التسبيح بالسبحة جائز بل ومندوب شرعًا؛ لأن الوسائل تأخذ حكم مقاصدها. فإذا كان الذكر من أعظم القربات وأحبّ الأعمال إلى الله تعالى، فإن كل وسيلة تُعين عليه تُعتبر مندوبة ومحببة. فالسبحة ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي وسيلة تساعد المسلم على ضبط العدد والمحافظة على الاستمرار في الذكر.

إقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم للوسائل

النصوص الشرعية والسنة النبوية تثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُنكر على من عدّ تسابيحه بالنوى أو الحصى، بل أقر ذلك، مما يدل على مشروعية اتخاذ الوسائل التي تُعين على العبادة. ومن هذا الأصل نشأت فكرة السبحة التي تطورت عبر الزمن إلى الشكل المعروف بين المسلمين اليوم.

لم يكن الصحابة والتابعون بعيدين عن هذا المنهج؛ فقد ثبت عنهم استخدام الوسائل لحفظ الأذكار، وانتشرت هذه العادة بينهم من غير إنكار. وهذا دليل عملي على قبولها، بل وعلى رسوخها كعادة عبادية في المجتمع الإسلامي الأول، بما يعزز مشروعيتها ويدحض مزاعم المانعين.

الرد على دعوى البدعة

القول ببدعية السبحة لا يقوم على سند صحيح من عقل أو نقل؛ إذ إن البدعة إنما تكون فيما يُضاف إلى الدين من غير أصلٍ له، بينما السبحة هي مجرد وسيلة وليست عبادة مستقلة. فالذكر مشروع في كل حال، والسبحة مجرد وسيلة لضبطه وتيسيره. ومن هنا، فإن وصفها بالبدعة تضييق على الناس فيما وسّعه الله ورسوله.

السبحة وسيلة نافعة، أقرها الشرع بالسنة العملية وأكدها عمل السلف، فلا ينبغي أن تكون مثار نزاع أو خلاف بين المسلمين. ومن المشروع أن يُقبل عليها من يجد فيها عونًا على الذكر، شريطة أن يُحافظ على روح العبادة وإخلاص النية، بعيدًا عن المظاهر أو الجدل الذي لا طائل منه

تم نسخ الرابط