إلى كل من أنهكته الحياة واعتزل العالم: لا تفقد الأمل. كما أنّ هناك تدريبًا يقوّي العضلات ويمنح الجسد صلابةً وقوة، هناك تدريبٌ أعمق يقوّي النفس ويصقل الروح. إنّها خطوات يومية بسيطة لكنها ذات أثر بالغ؛ تبدأ من لحظة استيقاظك حين تغسل وجهك بالماء والصابون وتعتني بابتسامتك بغسل أسنانك، تفعل ذلك بهدوء بعيدًا عن العجلة والاضطراب، وكأنك تمنح نفسك فرصة للتأمل في المرآة والنظر إليها بعين الرضا. بعد ذلك تتوضأ وتصلي الفجر ثم الضحى، لتبدأ نهارك بطاقة نورانية تُنير لك الدرب. ثم أعدد فطورًا صحيًّا خفيفًا لا يرهقك في إعداده، وتناوله مع مشروبك الدافئ المفضل، لتشعر بالسكينة وتتذوق لذة البساطة. لا تنسَ أن تُلزم نفسك بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم، فحتى القليل منها خير من الهجر، وإن عجزت عن القراءة فشغّل تلاوة بصوت مقرئ تحبّه، واجعل سرعته مناسبة لوتيرة قلبك، وإن استطعت فضع سماعاتك وأنت مسترخٍ لتستشعر الطمأنينة، ويا سلام لو ألزمت نفسك كل يوم بحفظ آيتين فقط. ثم اجعل لنفسك نصيبًا من العلم أو المهارة، فحاول أن تتعلم شيئًا جديدًا أو تنمّي ما تعرفه، كأن تحسن مستواك في لغةٍ ما أو تنشغل بهواية مثل الكروشيه أو الرسم، مستعينًا بما تتيحه لك برامج التعليم عبر الإنترنت. ولا تغفل عن نصيبك من الحركة؛ مارس رياضة المشي السريع في الخارج أو حتى في منزلك، واصعد الدرج أو سر حول بيتك نصف ساعة حسب قدرتك، لتستنشق هواءً متجددًا ينعش فكرك وروحك. وأثناء سيرك صفِّ ذهنك من شواغل الحياة، واذكر الله بقلب حاضر ولسان رطب: سبحان الله، الله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فبذلك تُثاب ويزداد صفاء قلبك. وتذكّر أنّ الانشغال بالماضي أو القلق بشأن المستقبل لا يجلب سوى الهم، سلّم أمرك لله، وتجاوز الصغائر، ولا تُضيع وقتك في جدال تافه، بل تعلّم كيف تتخطى وكيف تفرح. فالنفس تُدرَّب كما يُدرَّب الجسد، والروح تحتاج إلى خطوات صغيرة لكنها صادقة، ومعها يبدأ يومك بتفاؤلٍ وإيمانٍ بالله.