هل يوثر عدم إخراج زكاة المال على الصيام.. دار الإفتاء توضح

في شهر رمضان المبارك، تكثر الأسئلة الفقهية حول العبادات وأحكامها، ومن بين هذه التساؤلات ما يتعلق بزكاة المال وتأثير الامتناع عن إخراجها على صحة الصيام. فهل هناك علاقة بين أداء فريضة الزكاة وصحة الصيام؟ وهل يؤثر الامتناع عن إخراجها على قبول الصيام من الناحية الشرعية؟
الزكاة والصيام.. ركنان أساسيان
يعتبر كل من الصيام والزكاة من أركان الإسلام الخمسة، حيث فرض الله الصيام في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة: 183)، كما فرض الزكاة في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ” (البقرة: 110).
ورغم أن الزكاة فريضة مستقلة عن الصيام، إلا أن العلماء يشيرون إلى أن الامتناع عن إخراجها قد يكون له أثر على القبول العام للعبادات، حيث إن الله عز وجل يحب من عباده أن يأتوا بجميع الفروض والواجبات، ولا يتهاونوا في أي منها.
هل يؤثر الامتناع عن الزكاة على صحة الصيام؟
من الناحية الفقهية، عدم إخراج زكاة المال لا يُبطل الصيام، إذ أن الصيام له شروطه الخاصة، مثل النية والامتناع عن الطعام والشراب والشهوات من الفجر إلى المغرب. لكن الامتناع عن إخراج الزكاة قد يكون سببًا في نقص الأجر والثواب، خاصة إذا كان الشخص قادرًا على أدائها ولكنه تكاسل أو امتنع عمدًا.
البعد الروحي والأخلاقي
من منظور روحي، الصيام لا يقتصر فقط على الامتناع عن المفطرات، بل يشمل تزكية النفس والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، ومنها إخراج الزكاة التي تسهم في تحقيق التكافل الاجتماعي. فالزكاة تطهر المال والنفس، وتحقق العدالة الاجتماعية، مما يجعل شهر رمضان فرصة لتعزيز قيم العطاء والتضامن بين المسلمين.
رأي دار الإفتاء في العلاقة بين الزكاة والصيام
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الامتناع عن إخراج زكاة المال لا يؤثر على صحة الصيام، حيث إن كلًا من الصيام والزكاة عبادتان مستقلتان، لكل منهما شروطه وأحكامه. وأكدت الدار أن المسلم الذي لا يخرج زكاة ماله يعد مقصرًا في أداء أحد أركان الإسلام، لكنه لا يُعتبر مفطرًا أو ناقضًا لصيامه. ومع ذلك، فإن الامتناع عن إخراج الزكاة يُعد إثمًا يستوجب التوبة وأداء الزكاة المستحقة في أقرب وقت ممكن.
الزكاة فريضة لا تسقط بالتقاعس
زكاة المال فرض على كل مسلم يملك نصابًا من المال (الحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة) ومضى عليه حول كامل (عام هجري)، وتكون بنسبة 2.5% من إجمالي المال. وقد جاء فرض الزكاة في العديد من الآيات القرآنية، منها قول الله تعالى: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ” (البقرة: 110)، مما يؤكد أهميتها في الإسلام.
وأوضحت دار الإفتاء أن تأخير إخراج الزكاة دون عذر شرعي يُعد تقصيرًا يستوجب التوبة، لكنه لا يُبطل الصيام، لأن الزكاة عبادة مالية والصيام عبادة بدنية، ولكلٍّ منهما حكمه الخاص.