كيف نواجه التنمر عند الأطفال في المدارس؟.. روشتة نفسية واجتماعية (تقرير)

مع بداية العام الدراسي الجديد، تتجدد المخاوف من ظاهرة التنمر التي باتت من أخطر التحديات التي تواجه الأطفال داخل المدارس والمجتمع، لما تتركه من آثار نفسية وسلوكية قد تمتد لسنوات طويلة.
المخاوف من ظاهرة التنمر
وحذر خبراء اجتماع ونفسيين من خطورة التنمر على تكوين صورة الطفل عن ذاته منذ الصغر، مشددين علي أن غياب الدعم الأسري يزيد من معاناة الطفل ويدفعه أحيانًا للانطواء أو القلق الاجتماعي، مؤكدين أن مواجهة التنمر مسؤولية مشتركة تبدأ من داخل الأسرة وتمتد إلى المدرسة والمجتمع.

من جانبها، أكدت الدكتورة أمل شمس، استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن التنمر يُعد من أخطر المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تواجه الأطفال، موضحًة أنه يؤثر بشكل مباشر على تكوين صورة الطفل عن ذاته وهويته منذ سن مبكرة، وقد يترك آثارًا ممتدة على مستقبله وشخصيته.
وأوضحت "شمس" في تصريح خاص لـ"نيوز روم"، أن الطفل يكون صورته الذهنية عن نفسه من خلال نظرة المحيطين به، سواء كان محبوبًا أو منبوذًا، ناجحًا أو فاشلًا، ذكيًا أو غبيًا، مشيرًة إلى أن أخطر صور التنمر تبدأ أحيانًا من داخل الأسرة نفسها، حين يتعرض أحد الأبناء للسخرية أو التمييز سواء بسبب لون البشرة، أو ملامحه، أو حتى طريقة نطقه لبعض الحروف، وهو ما قد يراه الأهل "مزاحًا" بينما يترجمه الطفل كرسالة رفض وكره.
وأضافت أن التنمر يترك لدى الطفل صورة سلبية عن ذاته، تترسخ أكثر كلما كان أصغر سنًا، نظرًا لافتقاره إلى الخبرة التي تمكنه من تصحيح هذه الصورة، كما أن التنمر في المدرسة أو الشارع قد يدفع بعض الأطفال إلى كراهية التعليم أو الهروب منه، بل وربما التحول إلى سلوكيات عدوانية تجاه الآخرين كرد فعل انتقامي.
وحذرت شمس من أن استمرار دوائر التنمر في المجتمع قد يقود إلى نتائج خطيرة، تصل أحيانًا إلى صدامات بين الأسر أو جرائم عنف ناتجة عن مشادات بدأت بكلمة جارحة بين الأطفال.
طرق دعم الأطفال ضد التنمر
وأضافت أن من المهم أيضاً ذكر أمثلة واقعية لأشخاص حققوا نجاحاً كبيراً رغم امتلاكهم سمات شكلية مشابهة، حتى يدرك الطفل أن مظهره لا يمكن أن يكون عائقاً أمام تحقيق أهدافه.
وأشارت "شمس" إلى ضرورة تعليم الأطفال كيفية الدفاع عن أنفسهم سواء من خلال الرد المباشر على الكلمات الجارحة أو اللجوء إلى من هم أكبر سناً لاتخاذ موقف واضح تجاه المتنمر، بجانب تشجيعهم على ممارسة الرياضة لاكتساب مهارات الدفاع عن النفس في حال التعرض للتنمر الجسدي.
وأكدت، أن من أفضل طرق المواجهة أن يكون رد الطفل على الإساءة بابتسامة، مع غرس القناعة داخله بأنه يمتلك ما يفتقده الآخرون وأن أخلاقه وتربيته السوية تمنعه من الرد بالمثل، مما يجعله مميزاً في ردود أفعاله ويعزز ثقته بنفسه.
وأضافت، أن مواجهة التنمر لا تقتصر على المدرسة وحدها، بل تبدأ من داخل الأسرة من خلال بناء شخصية قوية وواعية قادرة على مواجهة المواقف السلبية بثقة واتزان.

فيما أكدت الدكتورة صفاء حمودة، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن التنمر يترك آثارًا عميقة على شخصية الطفل وصورته عن ذاته، موضحًة أن الطفل في مرحلة الطفولة يبدأ في تكوين صورته الذاتية من خلال ما يسمعه من الآخرين، فإذا استقبل رسائل سلبية فإن ثقته بنفسه تهتز ويكون عن نفسه صورة مشوشة قد تجعله يرى نفسه قبيحًا رغم تمتعه بمظاهر جمالية طبيعية، نتيجة ما يتعرض له من سخرية على ملامحه أو طريقة كلامه.
وأضافت "حمودة" في تصريح خاص لـ"نيوز روم"، أن التنمر قد يدفع الطفل مع مرور الوقت إلى كراهية ذاته ومظهره، ويؤدي إلى شخصية ضعيفة، بل ويعرض بعض الأطفال للإصابة بالقلق أو الرهاب الاجتماعي، فيتجنبون التعامل مع الناس أو الدخول في دوائر جديدة، بسبب خبرات سابقة جعلتهم يتوقعون النقد والسخرية بشكل مستمر.
مخاطر التنمر على الأطفال
وشددت أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، على دور الأسرة في حماية الطفل من آثار التنمر، مشيرًة إلى أهمية أن تكون الأسرة داعمة ومساندة للطفل، وتوضح له أن ما يتعرض له ليس مجرد "هزار" بل هو تنمر وسلوك غير مقبول.
وأكدت الدكتورة صفاء حمودة، أن بعض الأطفال لا يدركون أصلًا أن ما يمرون به هو تنمر، خاصة إذا كان معظم زملائهم يتعاملون معهم بهذه الطريقة، مما يدفعهم أحيانًا للتنازل عن كرامتهم في سبيل البقاء وسط المجموعة.
وأوضحت، أن من الضروري أن تكون الأسرة ملاذًا آمنًا للطفل، تستمع له دون لوم أو اتهام، مع العمل على التواصل مع المدرسة لإشراك الأخصائيين النفسيين في التدخل الفوري، ومعاقبة الأطفال المتنمرين للحد من تكرار السلوك.