محمود محيي الدين: الاستثمار في البشر سرّ نهضة الصين والهند وتحول مركز الاقتصاد

أكد الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية والمدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي، أن الصين والهند حققتا نجاحات لافتة خلال العقود الأخيرة بفضل تركيزهما على الاستثمار في البشر، وهو العامل الرئيسي الذي قاد إلى نهضتهما الاقتصادية السريعة.
وأوضح أن الدولتين لم تكتفيا بتقليد تجارب الغرب في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد، بل أتقنتا توظيفها على نحو أكثر عمقاً وفعالية، معتمدة على الزخم البشري الكبير الذي تمتلكانه.
التعليم والصحة والابتعاث محركات النهضة
وأضاف محيي الدين في لقائه مع الإعلامية دينا سالم عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن الصين والهند اعتمدتا على التعليم والصحة كمرتكزات رئيسية لبناء قاعدة بشرية قوية، حيث استثمرتا بشكل واسع في تدريب الكوادر، وإيفاد البعثات التعليمية منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى بدايات القرن الحالي.
وأشار إلى أن هذه السياسات أثمرت عن تخريج قيادات بارزة في مختلف المجالات، إذ أصبح العديد من الهنود يتولون مناصب قيادية مؤثرة في كبرى الشركات العالمية، بينما عاد الصينيون من الخارج ليقودوا قطاعات الاقتصاد والإدارة داخل بلادهم بفاعلية لافتة.
تحرك مركز الجاذبية الاقتصادية
ولفت محيي الدين إلى أن السياسات الحمائية في الولايات المتحدة، رغم قوتها، لم تمنع التغيرات الكبرى في الخريطة الاقتصادية العالمية، موضحاً أن مركز الجاذبية الاقتصادية يتحرك تدريجياً ناحية الشرق.
وأوضح أن دراسة أعدها اقتصادي سنغافوري بارز، توقعت منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى عام 2050 أن ينتقل مركز الجاذبية الاقتصادية العالمي من موقعه التقليدي غرب أوروبا باتجاه آسيا، وهو ما يتحقق الآن بالفعل بفعل النمو السريع للصين والهند، إلى جانب ارتفاع متوسط الدخول وزيادة الكتلة السكانية المؤثرة في المنطقة.
التجارة والاستثمار نحو الشرق
وأكد محيي الدين أن المستقبل الاقتصادي العالمي يتجه إلى آسيا على مستوى التجارة والاستثمار والناتج المحلي، مشيراً إلى أن معدلات النمو المرتفعة في الصين والهند ساهمت في إعادة رسم خريطة الاقتصاد العالمي.
وأضاف أن هذه التحولات لا تقف عند حدود الاقتصاد فحسب، بل تمتد لتؤثر على موازين السياسة والقوة العسكرية، حيث إن بناء قوة عسكرية ضخمة لا يمكن أن يتم دون وجود قاعدة اقتصادية قوية تدعمه.
توازنات جديدة في الاقتصاد والسياسة
وأشار محيي الدين إلى أن هذا التحول في مركز الثقل الاقتصادي نحو الشرق يعيد رسم قواعد اللعبة الدولية، إذ بدأت القوى الكبرى في الغرب تدرك أن موازين النفوذ تتغير تدريجياً لصالح آسيا.
واختتم بالتأكيد على أن الاستثمار في البشر، سواء عبر التعليم أو الصحة أو الابتعاث، سيظل العامل الحاسم في أي نهضة اقتصادية، وأن تجربة الصين والهند تمثل نموذجاً يحتذى به للدول الساعية لتحقيق تنمية حقيقية ومستدامة.