حكم الشبكة عند فسخ الخطبة.. من حق الشاب أم الفتاة؟

في ضوء التساؤلات المتكررة حول حكم الشبكة عند فسخ الخطبة، أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا توضيحيًا تفصيليًا حول هذا الموضوع، مبينةً فيه موقف الشريعة الإسلامية من هذه المسألة التي تهم كثيرًا من المقبلين على الزواج والمخطوبين.
حكم الشبكة عند فسخ الخطبة
وأكد البيان أن الشبكة التي يقدمها الخاطب لمخطوبته تُعتبر في الأصل جزءًا من المهر، وهذا ما أقرّه العرف المتداول بين الناس والذي يُعتبر معتبرًا شرعيًا في الإسلام، حيث أكد القرآن الكريم في أكثر من موضع على أهمية مراعاة العرف في التشريع، قال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [سورة الأعراف: 199]. ويدخل ضمن هذا العرف ما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين من الشبكة، سواء كانت على شكل ذهب أو أموال أو غير ذلك، باعتبارها جزءًا من حقوق الزوجة المقررة في الزواج.
وبيّنت دار الإفتاء أن عقد الزواج في الشريعة الإسلامية له منزلة عظيمة ومرتبة رفيعة، حيث سماه الله تعالى "الميثاق الغليظ" لما له من أثر كبير في بناء الأسرة والمجتمع، ومن ثم فإن مقدمات الزواج كالعقد والميثاق والمهر وغيرها تحظى باهتمام شرعي كبير. وفي حالة فسخ الخطبة قبل إتمام العقد الشرعي للزواج، فإن الشبكة تُرد للخاطب، لأن العقد لم يتم وبالتالي لا تثبت حقوق كاملة للمخطوبة على هذه الأموال أو الهدايا المقدمة.
وأوضح البيان أن ذلك لا يعني منع تقديم الهدايا أو العطايا بين المخطوبين، بل إن الشبكة قد تُعطى أحيانًا كهبة لتوطيد العلاقة بين الطرفين، وفي هذه الحالة تُعامل الشبكة وفقًا لأحكام الهبة الشرعية، التي تسمح للواهب بالرجوع في هبته إذا لم يكتمل العقد، شريطة أن تكون الهبة قائمة بذاتها وغير ملحقة بمقابل دنيوي أو أخروي، وأن لا تكون قد تلفت أو تم التصرف فيها تصرفًا نهائيًا.
وشددت دار الإفتاء على أن هذا الحكم ينطبق سواء كان الفسخ من قبل الخاطب أو المخطوبة أو كان بسبب ظرف خارج عن إرادة الطرفين، مشيرة إلى أن الشرع الحكيم قد أراعي جميع الظروف بحيث يحفظ حقوق الجميع ويمنع الظلم أو الاستغلال.
وأكدت دار الإفتاء في ختام بيانها أهمية التشاور والاتفاق بين الطرفين عند تقديم الشبكة أو أي هدية خلال فترة الخطبة، لتفادي النزاعات المحتملة وضمان حقوق كلا الطرفين، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم»، مما يدل على أهمية الالتزام بما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين.
هذا وقد استقبلت دار الإفتاء خلال الأيام الماضية العديد من الاستفسارات من المواطنين بشأن هذا الموضوع، حيث يحرص كثيرون على معرفة موقف الشريعة حول الشبكة والهدايا المقدمة في فترة الخطوبة، خصوصًا في ظل تنامي حالات فسخ الخطبة بين الشباب.
وفي الختام، تؤكد دار الإفتاء المصرية حرصها الدائم على توضيح الأحكام الشرعية للناس بأسلوب مبسط وواضح، لخدمة الأسرة والمجتمع المصري، والحفاظ على الحقوق الشرعية بين الأزواج والمقبلين على الزواج، بما يتوافق مع روح الإسلام ومقاصده السامية.