خبير: مصر بحاجة إلى "سردية وطنية" لما بعد الصندوق.. تفاصيل

تشهد علاقة مصر بصندوق النقد الدولي مرحلة دقيقة مع تأجيل المراجعتين الخامسة والسادسة للبرنامج القائم، وسط جدل حول قيمة التمويلات المتوقعة والتحديات المرتبطة بشروط الصندوق. وفي هذا السياق، أكد الباحث الاقتصادي محمد محمود عبد الرحيم، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، أن الموقف الحالي يعكس أهمية وجود برنامج وطني متكامل يحدد أولويات الإصلاح الاقتصادي لما بعد الصندوق.
ومن جانبه قال الباحث الاقتصادي محمد محمود عبد الرحيم، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، إن صندوق النقد الدولي أجّل المراجعة الخامسة والسادسة لبرنامج التعاون مع مصر، مشيرًا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت جدلًا حول قيمة التمويل الذي ستحصل عليه القاهرة، حيث ترددت أرقام ما بين 2.5 مليار دولار و274 مليون دولار، موضحًا أن الأمر يتعلق بتمويلين مختلفين في المصدر والهدف والشروط.
وأضاف عبد الرحيم أن المعضلة الحقيقية تكمن في أن "الصندوق لا يضع في اعتباره الخصوصية لكل دولة، بينما يطبق روشتات جاهزة لا تصلح للجميع"، لافتًا إلى أن مصر التزمت بالفعل بعدد من توصيات الصندوق، أبرزها خفض دعم الطاقة بهدف تقليص عجز الموازنة وتحسين كفاءة الدعم عبر توجيهه لمستحقيه.
وأوضح أن الشريحة الجديدة البالغة قيمتها 274 مليون دولار تخص صندوق الصلابة والاستدامة (RSF)، وهو تمويل منفصل عن البرنامج التقليدي، ويشترط تحقيق التزامات فنية وبيئية تتعلق بمشروعات الاستدامة، مضيفًا: "رغم أن القيمة ليست كبيرة مقارنة بصافي احتياطيات النقد الأجنبي الذي بلغ 49.25 مليار دولار بنهاية أغسطس 2025، فإن صرف أي شريحة جديدة يعكس التزام مصر بالإصلاحات ويعزز قدرتها على جذب مزيد من التمويل والقروض والاستثمارات".
وحول تداعيات خفض الدعم، أكد أن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود محليًا ومن ثم ارتفاع معدلات التضخم مجددًا، رغم أن التضخم الأساسي تراجع إلى 10.7% في أغسطس، محذرًا من أن "الأسعار ترتفع عقب كل إجراء لتقليص الدعم نتيجة انعكاسه على تكاليف النقل والإنتاج".
وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن التحدي الأبرز أمام الحكومة يتمثل في الموازنة بين خفض عجز الموازنة وبين تعزيز الحماية الاجتماعية، باعتبارها أحد أهم أدوار الدولة. كما توقع أن تمضي الحكومة قدمًا في طرح شركات بالبورصة المصرية في إطار تشجيع الاستثمار وتوسيع دور القطاع الخاص وتخارج الدولة التدريجي.
مؤكدا على ضرورة وجود برنامج وطني مستقل، مضيفًا: "هناك مناقشات حول السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، لكن الأهم هو التنفيذ على أرض الواقع وفق مستهدفات رقمية وزمنية واضحة. ويجب الاستعداد مبكرًا لمرحلة ما بعد الصندوق".