عاجل

ما حكم الاتكاء والجلـوس على كتب العلم الشرعي المشتملة على آيات قرآنية وأحاديث؟

المصحف
المصحف

في الوقت الذي يحرص فيه المسلمون على تعظيم شعائر الله وصيانة ما يتصل بكتابه وسنة نبيه ﷺ، يثار تساؤل مهم بين الناس: ما حكم الاتكاء أو الجلوس على كتب العلم الشرعي التي تتضمن آيات قرآنية أو أحاديث نبوية؟ وهل يُعَد ذلك من الاستخفاف بما تحويه هذه الكتب من معانٍ مقدسة، أم أن الأمر يختلف باختلاف النية والحاجة وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أنه يلزم المسلم أن يُعظِّم ويُجِلَّ كتب العلم الشرعي التي تتضمن آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، ولهذا يُكره وضعها على الأرض من غير ضرورة أو مدّ الرجل نحوها إلا إذا كانت في موضع مرتفع يمنع المساواة. كما يحرم الجلوس عليها أو الاتكاء بها إن كان ذلك على سبيل الاستخفاف أو الاستهانة، أما إذا دعت الحاجة، وكان الجلوس أو الاتكاء من غير قصد الامتهان أو الاستخفاف بمحتواها، فلا حرج في ذلك، بشرط ألا يباشر الجالس هذه الكتب مباشرةً

مكانة العلم في الإسلام 


العلم في الإسلام له مكانة عظيمة، فهو ميراث الأنبياء، ومحفوظ في بطون الكتب وعلى أوراقها، ولذلك جاء الشرع الشريف مُعظِّمًا لقدسية الكتب والأوراق التي تشتمل على آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو أسماءٍ مُكرَّمة كأسماء الله تعالى والأنبياء والرسل عليهم السلام، فأوجب صونها واحترامها. قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى (2/6): “إن القرآن وكل اسم معظم كاسم الله أو اسم نبي له يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه”. وجاء في حاشيتي قليوبي وعميرة (4/177): “المراد بالمصحف ما فيه قرآن، ومثله الحديث وكل علم شرعي أو ما عليه اسم معظم”. وهذا كله داخل في تعظيم شعائر الله؛ قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30]، وقال سبحانه: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].

حكم الجلوس أو الاتكاء على كتب العلم


ذكر الفقهاء أن وضع المصحف أو كتب العلم الشرعي على الأرض من غير ضرورة أمر مكروه، كما كرهوا مدّ الرجلين نحوها أو وضع شيء فوقها، فضلًا عن الجلوس عليها، وذلك توقيرًا لما تحويه من كلام الله تعالى وعلوم الشريعة. قال ابن الهمام في فتح القدير (1/420): “يكره أن يمد رجليه… إلى القبلة أو المصحف أو كتب الفقه إلا أن تكون على مكان مرتفع”. وقال القرطبي في تفسيره : “من حرمته ألا يُوضَع فوقه شيء من الكتب حتى يكون عاليًا عليها”.

كما نص ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية (ص:164) على أن مدّ الرجل إلى القرآن أو كتب العلم قد يصل إلى التحريم إذا اقترن بالاستخفاف. ومثله ما قاله ابن مفلح في الآداب الشرعية (2/285): “يحرم الاتكاء على المصحف وعلى كتب الحديث وما فيه شيء من القرآن اتفاقًا”.

ومع ذلك، إذا دعت الحاجة إلى الجلوس أو الاتكاء على هذه الكتب دون قصد امتهان أو استهانة، فلا حرج في ذلك، بشرط عدم المباشرة المباشرة لها، إذ إن القاعدة الشرعية تقرر: الأمور بمقاصدها. ولذا أجاز بعض فقهاء الحنفية والشافعية محو الآيات من الألواح بالريق للحاجة، ما دام بلا نية امتهان، كما أوضح ذلك ابن عابدين في الدر المختار (1/178) والبجيرمي في تحفة الحبيب (4/240).

تم نسخ الرابط