عاجل

بعد ارتفاع أسعارها.. ما هو التملك الجزئي للعقارات في مصر؟ |خاص

العقارات في مصر
العقارات في مصر

شهدت السوق العقارية في مصر خلال الآونة الأخيرة، تحولًا لافتًا نتيجة لارتفاع أسعار العقارات، مما دفع العديد من المستثمرين إلى البحث عن بدائل استثمارية مبتكرة، منها نموذج الملكية الجزئية للعقارات، الذي يتيح للمستثمرين امتلاك حصص في العقارات الفاخرة أو الاستثمارية دون الحاجة إلى دفع قيمتها بالكامل.

ويوفر هذا النموذج من التملك الجزئي للعقارات والذي شهد تطورا كبير في الإمارات، فرصًا لصغار المستثمرين لتحقيق عوائد مالية مع تقاسم التكاليف، ما يجعله خيارًا جذابًا في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها السوق العقاري.

وعلى الرغم من الفرص التي يتيحها هذا النوع من الاستثمار، إلا أن تحديات عديدة قد تواجهه، أبرزها غياب التحكم الكامل في العقار وتقلبات السوق، وهو ما يستدعي وجود إطار تنظيمي فعال لدعمه وتطويره في المستقبل.

الملكية الجزئية للعقارات

يقول المستشار أسامة سعد الدين، المدير العام التنفيذي لغرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، إن نموذج الشراكة العقارية عن طريق المشاركة في الملكية أصبح موضوعًا شائعًا في السوق، حيث يتزايد الإقبال عليه في الفترة الأخيرة. 

وأضاف سعد الدين في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"، أن هذا النموذج من الشراكة العقارية يتطلب أن تقوم به شركات كبيرة تمتلك ضمانات مالية قوية للأشخاص الراغبين في الاستثمار، ما يعزز من نجاحه، موضحا أن المشاركة في الملكية يجب أن تقتصر على مناطق معينة ذات دورة اقتصادية سريعة، مما يضمن تحقيق عوائد جيدة للمستثمرين.

وأشار المدير العام التنفيذي لغرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات إلى أن المطورين العقاريين والمستثمرين بدأوا يلجؤون إلى هذا النموذج بسبب ارتفاع أسعار العقارات وصعوبة قدرة الأفراد على شراء عقارات كاملة بمبالغ ضخمة، مما جعل المشاركة في ملكية جزء من العقار خيارًا جذابًا، مضيفا أن العقار يعد من أكثر أنواع الاستثمار أمانًا نظرًا لارتفاع قيمته المستمر.

التطوير العقاري

وفيما يتعلق بمخاوف حدوث حالات نصب أو تلاعب، أكد سعد الدين أهمية أن تدير الشركات الكبيرة هذه المشاريع لضمان تنظيم الأمور بشكل جيد، مشيرا إلى ضرورة وضع ضوابط ومعايير دقيقة للمناطق والمشروعات التي يتم تطبيق هذا النموذج عليها.

وتوقع سعد الدين أنه في حال حدوث أي مشكلات في المستقبل، قد تتخذ الدولة إجراءات لتحديد ضوابط أكثر صرامة أو حتى إلغاء النموذج إذا لزم الأمر، ولكن في الوقت الحالي تسعى الدولة لتوفير فرص استثمارية متنوعة للأفراد من خلال هذا النموذج، الذي يشبه إلى حد كبير الاستثمار في الأسهم.

نظام قديم تم تطويره

من جانبه أكد دكتور مهندس حسين جمعة، الخبير العقاري والاستشاري، أن التملك الجزئي أو التملك بالمشاركة يعد نظامًا قديمًا تم تطويره ليواكب ارتفاع أسعار العقارات. 

وأضاف الخبير العقاري والاستشاري في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن هذا النظام يعتبر تطويرًا لفكرة "التايم شير" أو اقتسام الوقت، حيث يتيح للمستثمرين شراء حصص صغيرة من العقارات بدلاً من دفع المبالغ الكبيرة لشراء عقار كامل.

وأوضح جمعة أن هذا النظام يمكن أن يبدأ بحصة تقدر بعشرين ألف جنيه، على أن تكون الوحدة مقسمة إلى مئات الحصص، موضحا على سبيل المثال، إذا كانت قيمة العقار مليون ونصف المليون جنيه، يتم تقسيمه إلى 100 أو 150 حصة يمكن للمستثمرين شراءها، على أن يدير هذا النظام شركات متخصصة تملك الخبرة في السوق العقاري، وتختار عقارات تحقق عوائد سريعة للمستثمرين.

وتابع جمعة أن المستثمرين يحققون عوائد مالية من هذه الحصص، حيث يتم بيع العقار بعد فترة قصيرة، مثل ثلاثة أو أربعة أشهر، مع إمكانية تحقيق مكاسب تصل إلى 10%، إذا تمت صفقات البيع بشكل سريع. 

وشدد الخبير العقاري على أهمية المصداقية في هذه الصفقات لتجنب الوقوع في عمليات نصب، خاصة في ظل تزايد مواقع الإنترنت التي تروج لفرص استثمارية قد تكون وهمية، موجها نصائح للمستثمرين بالتأكد من السجل التجاري، البطاقة الضريبية، والتراخيص القانونية للشركات التي تدير هذه الأنواع من الاستثمار.

وأشار جمعة إلى أن هذا النموذج لا يقتصر فقط على العقارات السكنية، بل يمتد أيضًا إلى الاستثمارات الفندقية، حيث يمكن للمستثمرين شراء حصص في غرف فندقية، وبالتالي المشاركة في عوائد تشغيل الفندق، مضيفا أن بعض الفنادق تقدم مزايا إضافية مثل خصومات على الخدمات والمنتجعات.

أما فيما يتعلق بالضوابط الحكومية لتنظيم هذا النوع من الاستثمارات، أكد جمعة أن هناك حاجة ملحة لوضع إطار قانوني ينظم عمليات التملك الجزئي، خاصة وأن هذه العمليات تتم بشكل عشوائي في الوقت الحالي، موضحا أن التنظيم القانوني سيسهم في تطوير هذا السوق ويوفر فرصًا أفضل للاستثمار، مع التأكد من حماية حقوق المستثمرين.

وأوضح جمعة أنه في الماضي، كان يتم تنفيذ مثل هذه الصفقات بشكل فردي بين الأفراد، ولكن مع تطور النظام وزيادة الطلب، أصبح من الضروري وضع ضوابط تضمن نزاهة العمليات وتجنب المخاطر المحتملة، مشيرا إلى أن التملك الجزئي يمثل فرصة استثمارية جديدة وفعالة في ظل ارتفاع أسعار العقارات، خاصة في المناطق السياحية، مثل الساحل الشمالي، حيث يمكن للمستثمرين المشاركة في العقارات الفاخرة بمبالغ صغيرة مقارنة بشراء العقار بالكامل.

لا يجب أن يكون نشاطًا أهليًا غير منظم

من جانبه يقول الخبير الإقتصادي هاني توفيق إن التملك الجزئي لا يجب أن يكون نشاطًا أهليًا غير منظم، بل من المفترض أن يتم ضمن إطار قانوني محكم. 

وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن الهدف من إضافة صناديق الاستثمار العقاري إلى قانون سوق المال كان تنظيم هذا النشاط ليكون مراقبًا من هيئة الرقابة المالية، بحيث يتم إدارته من قبل مدير صندوق حاصل على ترخيص من الهيئة، معتبرا أن هذا النوع من الاستثمار، سواء في التملك بغرض البيع أو الإيجار، يجب أن يقتصر على وحدات سكنية أو فيلات مهجورة.

وعبّر الخبير الاقتصادي عن قلقه من أن التملك الجزئي في صورته الحالية لا يزال غير منظم، ما قد يؤدي إلى العديد من المخالفات مثل الاحتيال أو سرقة الأموال، مؤكدا أن صناديق الاستثمار العقاري تحت مظلة قانون سوق المال توفر الحماية الكافية للمستثمرين.

وأشار توفيق في التصريحات لـ "نيوز رووم"، إلى أن وجود رقابة قانونية من هيئة الرقابة المالية يعد أمرًا ضروريًا لضمان نجاح هذا النوع من الاستثمار ومنع أي تلاعب مالي.

وحول مستقبل التملك الجزئي في ظل الظروف الحالية، أضاف توفيق أن العقارات شهدت ارتفاعًا كبيرًا في أسعارها، ما يفرض على الدولة دعم الفرق بين قيمة الإيجار الذي يدفعه الشباب، مثل حديثي التخرج أو المتزوجين حديثًا، وبين العائد الذي يحصل عليه المستثمرون في صناديق الاستثمار العقاري، والذي يتراوح بين 15% إلى 16%.

وأكد توفيق أن وضع ضوابط رقابية صارمة يعد المطلب الرئيسي لتنظيم هذا النشاط، مشيرًا إلى أهمية الرقابة المالية في حماية المستثمرين وضمان الشفافية في عمليات التملك الجزئي.

تم نسخ الرابط