اقتصادي: استقرار الجنيه "حذر".. والتحديات الخارجية ما زالت تضغط

في ظل منعطف اقتصادي حاسم، يقف الجنيه المصري أمام معادلة دقيقة تجمع بين استقرار نسبي وتحديات هيكلية ضاغطة. وبعد أشهر من تطبيق سياسة سعر الصرف المرن التي أنهت السوق الموازية وأعادت جزءًا من الثقة للنظام المصرفي، يظل السؤال الأبرز: هل يستمر هذا الاستقرار أم أن الضغوط المالية والتجارية ستلقي بظلالها على مستقبل العملة المحلية؟
قال د. أحمد الإمام، الخبير الاقتصادي، إن الجنيه المصري يقف اليوم عند مفترق طرق بين استقرار نسبي وتحديات هيكلية لا يمكن إغفالها، وذلك بعد أشهر من تطبيق سياسة سعر الصرف المرن التي ساعدت على توحيد السوق والقضاء على السوق الموازية. وأوضح أن استقرار الدولار عند مستوى يقارب 48.16 جنيهًا في 12 سبتمبر 2025 يعكس نجاح السياسة النقدية الجديدة المدعومة من صندوق النقد الدولي، والتي أسهمت في تعزيز الثقة بالنظام المصرفي.
وأشار الإمام إلى أن نمو الاحتياطيات الدولية إلى 49.25 مليار دولار بنهاية أغسطس 2025 يمثل خط الدفاع الأول للاقتصاد المصري في مواجهة الصدمات الخارجية. كما لفت إلى التحسن الملحوظ في تحويلات العاملين بالخارج التي بلغت 36.5 مليار دولار خلال العام المالي 2024/2025، إلى جانب أداء قوي لقطاع السياحة الذي من المتوقع أن يحقق إيرادات تصل إلى 18.3 مليار دولار بنهاية العام الجاري.
في المقابل، أكد أن التحديات ما زالت قائمة، وعلى رأسها تراجع إيرادات قناة السويس بنحو 50% نتيجة التوترات في البحر الأحمر، بالإضافة إلى أعباء خدمة الدين الخارجي التي تجاوزت 13 مليار دولار في الربع الثاني فقط من العام المالي الحالي، والعجز التجاري غير النفطي الذي سجل 28 مليار دولار.
وعن التوقعات بشأن سعر الصرف، شدد الإمام على أن الرهانات بانخفاض الدولار إلى 35 جنيهًا لا تستند إلى بيانات واقعية، حيث تشير تقديرات المؤسسات المالية الدولية إلى تحركات تدريجية للجنيه في اتجاه 51 إلى 55 جنيهًا للدولار خلال 2026–2027. وأكد أن تحقيق سيناريو 35 جنيهًا يتطلب طفرة استثنائية في الإيرادات الدولارية وتراجعًا كبيرًا في فاتورة الواردات وخدمة الدين، وهو ما يبدو بعيدًا عن المعطيات الحالية.
مؤكدا أن مستقبل الجنيه المصري سيظل مرهونًا بقدرة الدولة على جذب استثمارات أجنبية مباشرة، وتنمية الصادرات، وإدارة الالتزامات الخارجية بكفاءة، معتبراً أن الاستقرار الحالي "حذر ومشروط" باستمرار الإصلاحات الاقتصادية.