رئيس هيئة سلامة الغذاء: منظومة متكاملة لحماية صحة المستهلك المصري

أكد الدكتور طارق الهوبي، رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء التابعة لمجلس الوزراء، أن قرار دمج التشريعات والرقابة في كيان واحد أحدث نقلة نوعية في المنظومة المصرية الخاصة بسلامة الغذاء، موضحًا أنه قبل إنشاء الهيئة كان المشهد معقدًا للغاية. فقد كانت هناك أكثر من 17 جهة رقابية، أبرزها وزارات التموين والصحة والزراعة، تتولى كل منها جزءًا من مهمة الرقابة على الغذاء، وهو ما كان يفتح الباب أمام التضارب وتكرار الإجراءات.
وأوضح خلال حواره مع الإعلامية نانسي نور، ببرنامج «ستوديو إكسترا» المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، هذا التضارب لم يكن يرهق الدولة فحسب، بل انعكس أيضًا على المتعاملين مع السوق من مصنعين ومستوردين ومصدرين، حيث كانوا يجدون أنفسهم في مواجهة إجراءات متكررة ومتشابهة من أكثر من جهة، وهو ما شكل عبئًا حقيقيًا على حركة الصناعة والتجارة.
وأضاف الهوبي أن إنشاء هيئة قومية بسلطة تشريعية ورقابية واضحة، وتوافر أدوات تنفيذية فعالة، كان بمثابة خطوة تاريخية لإعادة ضبط المنظومة وضمان وجود كيان واحد يتعامل معه المصنع أو التاجر، بما يختصر الوقت والإجراءات ويحقق الشفافية.
تبسيط الإجراءات وفتح المجال أمام الصناعة
وأشار رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء إلى أن وجود جهة مركزية موحدة لم يقتصر تأثيره على الرقابة فقط، بل ساهم في فتح المجال أمام الصناعات الغذائية والزراعية للنمو والتطور فالهيئة عملت على تبسيط الإجراءات وتحديد القوانين المنظمة، الأمر الذي شجع المستثمرين المحليين والأجانب على التعامل مع جهة واحدة واضحة الصلاحيات.
وأوضح الهوبي أن هذه الخطوة دعمت قطاع الصناعات الغذائية الذي يمثل ركيزة أساسية للاقتصاد المصري، سواء من خلال توفير الغذاء للسوق المحلي أو دعم الصادرات المصرية نحو الأسواق العالمية. وأضاف أن هذه الآلية الموحدة عززت ثقة الشركاء التجاريين في الخارج، ما ساهم في تحسين صورة المنتجات المصرية عالميًا.
كما لفت إلى أن الهيئة أصبحت تمثل مرجعية للمصنعين والمستوردين، حيث لم يعد هناك تشتت في المرجعيات القانونية أو تضارب في القرارات، وهو ما انعكس إيجابًا على سرعة إنجاز المعاملات وضمان توافقها مع المعايير الدولية.
منظومة شاملة لحماية صحة المستهلك
وأكد الهوبي أن الهيئة لا تقتصر في عملها على الرقابة فقط، بل تمتلك منظومة شاملة للوقاية تبدأ من وضع التشريعات واللوائح الفنية إلى تحديث المواصفات بشكل دوري بما يتماشى مع المعايير العالمية.
وقال: "التحدي الأكبر أمامنا هو التوفيق بين الكثافة السكانية الكبيرة وتعدد قنوات تداول الغذاء، وهو ما يتطلب إجراءات متكاملة ومرنة في الوقت ذاته"، مشددًا على أن الهدف الأسمى للهيئة هو حماية صحة المستهلك.
وتابع أن تحديث المواصفات يتم بانتظام ليتوافق مع "هيئة الدستور الغذائي العالمية" (Codex Alimentarius)، وهي المرجعية الدولية الأبرز في هذا المجال، بما يضمن أن المنتجات المصرية تتماشى مع القواعد الدولية، سواء تلك التي تطرح في السوق المحلي أو التي يتم تصديرها للخارج.
وأوضح أن المنظومة تشمل كذلك حملات تفتيش ورقابة ميدانية وفحوص معملية دقيقة، إضافة إلى بناء وعي مجتمعي بأهمية اتباع معايير السلامة الغذائية، من أجل تقليل المخاطر التي قد تهدد الصحة العامة.
آليات فحص دقيقة وتحاليل في معامل معتمدة
وفيما يخص آليات العمل، كشف الهوبي أن الحصول على العينات الغذائية يتم وفق منهجية علمية دقيقة، حيث تُرسل هذه العينات إلى معامل معتمدة ومرجعية تابعة للوزارات المختصة بالصحة والزراعة والتجارة. وبعد إجراء الفحوص اللازمة، يتم التأكد من مطابقة المنتجات للوائح الفنية المعتمدة.
وفي حال ثبوت عدم المطابقة أو وجود مخالفات، يتم اتخاذ إجراءات صارمة تشمل التحفظ على الكميات المخالفة ومنع تداولها بالسوق المحلي أو تصديرها للأسواق الخارجية. وأكد أن الهيئة تنسق بشكل مستمر مع الجهات الرقابية المعنية لضمان عدم وصول أي منتجات غير مطابقة للمستهلك.
كما أوضح أن هذه الإجراءات لا تستهدف فقط منع المخالفات، وإنما تهدف أيضًا إلى خلق بيئة ردع تمنع أي محاولات للتلاعب بمعايير الجودة أو الالتفاف على القوانين، وهو ما يعزز من مصداقية السوق المصرية داخليًا وخارجيًا.
دور الهيئة في دعم الصادرات المصرية
لفت الهوبي إلى أن وجود منظومة رقابية قوية ومعترف بها دوليًا يعد بمثابة شهادة ثقة للمنتجات المصرية في الأسواق الخارجية. فالدول المستوردة أصبحت تدرك أن ما يخرج من مصر يخضع لرقابة صارمة ومعايير دقيقة، وهو ما يفتح الباب أمام زيادة حجم الصادرات.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل على تذليل العقبات أمام الشركات الراغبة في التصدير عبر تبسيط الإجراءات ومنح الشهادات اللازمة وفق معايير معترف بها عالميًا، بما يقلل من حالات رفض الشحنات أو إعادتها من الخارج.
وأكد أن هذه الآليات تصب في النهاية في مصلحة الاقتصاد الوطني، إذ تسهم في تحسين ميزان المدفوعات وتعزيز مكانة مصر كدولة مصدّرة للمنتجات الزراعية والغذائية عالية الجودة.
تطوير مستمر ومراجعة دورية للتشريعات
واختتم الهوبي حديثه بالتأكيد على أن الهيئة القومية لسلامة الغذاء لا تكتفي بما تحقق من إنجازات، بل تعمل بشكل مستمر على مراجعة التشريعات وتطوير اللوائح الفنية لتواكب التغيرات العالمية المتسارعة في مجال الغذاء.
وشدد على أن التطوير المستمر للمعايير يعكس التزام الدولة المصرية بحماية المستهلك وتقديم منتجات آمنة وذات جودة، سواء داخل السوق المحلي أو في الأسواق العالمية.