"ست بمية راجل".. أم عبد الله أول حدادة في مصر: مستعدة أعمل المستحيل عشان عيالي

في قلب محافظة القليوبية، تتجسد قصة كفاح استثنائية لأمرأة مصرية بطلتها تحية محمد عبد الله يوسف، الشهيرة بـ"أم عبد الله"، المولودة عام 1975 والتي تبلغ من العمر خمسين عامًا والتى كسرت العادات والتقاليد لتصبح أول امرأة في مصر تعمل بمهنة الحدادة وصناعة وتشكيل الحديد.
كفاح لا يعرف المستحيل
ففي وسط لهيب النار وصوت المطارق وصاروخ التقطيع للحديد وماكينة اللحوم تعمل أم عبد الله في تقطيع الحديد والصاج واللحام وصناعة الأبواب والشبابيك الحديدية، متحدية قسوة المهنة وصعوبتها على الرغم من الآلام الحادة التي أصابت ظهرها وفقراتها جراء حمل الحديد و التعامل مع النار التي تركت آثارها على جسدها، إلا أنها ما زالت صامدة في مواجهة الحياة من أجل أبنائها الـ 4.

الصبر أقوى من النار
وتقول تحية محمد عبد الله: "شيل الحديد وتقطيعه والتعامل مع النار قطموا ضهري وكووا جسمي، لكن كله من أجل ولادي.. وأنا متحملة حتى أربيهم وأراهم في أحسن حال".
ولم يتوقف عطاؤها عند الحدادة، إذ بادرت بمشروع بيئي داخل قريتها حيث صنعت سلال قمامة وزعتها حول المنازل حفاظًا على نظافة القرية، لتؤكد أن المرأة قادرة على العطاء في العمل وخدمة المجتمع معا وبشكل مؤثر.
ورغم هذه القوة، تعيش أم عبد الله حياة مليئة بالصعاب؛ فهي مهددة بفقدان منزلها، ويعتمد رزقها على قدوم الزبائن الذين قد يغيبون أيامًا طويلة، ما يضطرها لبيع الإكسسوارات البسيطه للفتيات لتأمين قوت يومها، وبرغم ذلك، تحرص على تحفيظ ابنتها الصغيرة القرآن الكريم لتغرس فيها القيم الدينية والأخلاقية.

الجنة تحت أقدام الأمهات
وتضيف قائلة: “أنا الآن امثل الأم والأب لأولادي الأربعة، ولن اتركهم وحدهم.. وكل ما أبذله من كفاح وتعب من أجل أولادي حتى يكونوا سند لوطنهم قبل ان يكونوا سند لي”.
وأم عبد الله هي أم لأربعة أبناء؛ أكبرهم ياسمين رمضان، خريجة كلية التربية قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر وتواصل دراستها لنيل الماجستير في الصحة النفسية. أما ابنها محمد، البالغ من العمر 17 عامًا، فيعاني من شلل دماغي وضمور في العضلات والتوحد، وهو السبب الأكبر وراء كفاح والدته.
وعبد الله رمضان، الذي تخرج من كلية العلوم قسم الجيولوجيا والكيمياء بجامعة الأزهر، بينما أصغر الأبناء رانيا، طالبة بالصف الثالث الابتدائي بالأزهر الشريف، تحفظها والدتها القرآن الكريم وتعتني بها.


طلب مساعدة
وتختم حديثها بقولها: "نفسي أشوف أولادي في شغل يكرمهم ويسندهم، وأتمنى الدولة تساعد ابني محمد من ذوي الهمم عشان يكمل حياته بكرامة.. ده حلمي الكبير".
رحلة أم عبد الله ليست مجرد تجربة لامرأة امتهنت مهنة الرجال، بل هي قصة صبر وتحدٍ وكفاح، لامرأة حديدية لم تنكسر أمام قسوة الظروف، وضحت بصحتها من أجل أن تصنع لأبنائها مستقبلًا أفضل، لتظل نموذجًا مضيئًا للمرأة المصرية التي لا تعرف المستحيل.