حماية العمالة غير المنتظمة..قانون العمل الجديد يحول التهميش لحماية

كشف تطبيق قانون العمل الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ رسميًا، في الأول من سبتمبر الجاري، عن نقلة نوعية في التعامل مع ملف العمالة غير المنتظمة، والذي ظل لسنوات طويلة يمثل واحدة من أكثر الفئات تهميشًا في سوق العمل المصري.
ويُعد القانون الجديد بمثابة تحول استراتيجي يهدف إلى دمج هذه الفئة في منظومة الحماية الاجتماعية والاقتصادية، بما يضمن لها الاستقرار والأمان الوظيفي، ويعزز من مساهمتها في خطط التنمية الشاملة للدولة.
ويمنح التشريع الجديد العمالة غير المنتظمة مظلة أوسع من الحقوق والالتزامات، حيث نص على إدراجهم ضمن أنظمة التأمينات الاجتماعية والصحية، وتخصيص موارد مالية لدعمهم، بما يفتح أمامهم أبوابًا كانت مغلقة لعقود، مثل الحق في العلاج، والمعاش، والتأمين ضد إصابات العمل. كما ألزم القانون أصحاب الأعمال بتسجيل هذه الفئة رسميًا، بما يضع حدًا لظاهرة التوظيف غير الرسمي التي كانت تحرم آلاف العمال من أبسط الحقوق.
وتشير تقديرات وزارة القوى العاملة إلى أن حجم العمالة غير المنتظمة في مصر يقدر بالملايين، يعملون في قطاعات متعددة مثل البناء والتشييد، الزراعة، والخدمات اليومية. وغالبًا ما كان هؤلاء العمال يفتقدون أي حماية قانونية، ما جعلهم عرضة للتسريح المفاجئ أو المخاطر الصحية دون تعويض. لكن مع القانون الجديد، أصبحوا جزءًا أصيلًا من منظومة العمل، بعد أن تم دمجهم في قاعدة بيانات قومية تسهل متابعتهم وتقديم الدعم اللازم لهم.
وقالت النائبة سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب،:" إدماج هذه الفئة في المنظومة الرسمية لا يحمل بُعدًا اجتماعيًا فقط، بل أيضًا اقتصاديًا، إذ يسهم في توسيع قاعدة الممولين لأنظمة التأمين، ويقلل من حجم الاقتصاد غير الرسمي، ما ينعكس إيجابًا على الإيرادات العامة للدولة، ويعزز من قدرتها على توجيه الموارد نحو مشروعات تنموية أكبر.
وتابعت:" كما يمثل القانون الجديد استجابة مباشرة لتوجيهات القيادة السياسية بضرورة حماية الفئات الأكثر احتياجًا، وتحويل العمالة غير المنتظمة من عنصر هشّ في سوق العمل إلى قوة منتجة ذات حقوق واضحة. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى رفع مستوى الإنتاجية، وتحسين الظروف المعيشية لملايين الأسر المصرية التي تعتمد بشكل أساسي على دخل هذه الفئة، ويُعد التشريع خطوة عملية نحو بناء سوق عمل أكثر عدالة وكفاءة، تُحقق الموازنة بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، وتفتح المجال أمام اقتصاد منظم ومستدام يضع الإنسان في قلب العملية التنموية.