عاجل

قد يبدو غريبا للقارئ استخدام مصطلح الضبط الادارى والعمران معا،  فالضبط الادارى يتمثل فى ضوابط وحدود فى شكل قرارات تصدرها الاداره لتنظيم نشاط الأفراد وسلوكهم بقصد حمايه النظام العام بمدلولاته المتعدده ومن الأهداف الحديثه للنظام العام المحافظه على جمال المدن ورونقها وحمايه العمران.
وبالنسبه للعمران فانها تخص موضوع تنظيم النسيج العمراني والتخطيط وما يتعلق به من تشريعات خاصه وتعد تشريعات العمران ذات طبيعه تنظيمية لكونها تنظم علاقه الإداره بصاحب العقار وتحدد الاجراءات الواجب اتخاذها واحترامها للقيام بعمليه البناء وقد نظم المشرع موضوع العمران  وفق قوانين خاصه لها أهمية خاصة تتمثل في حماية أمن الأفراد وصحتهم وراحتهم.  
ومثال ذلك القانون رقم 106 لسنه 1976م والمعدل بالقانون رقم 25 لسنه 1992 والمعدل بالقانون رقم 101 لسنه 1996 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وقرارات رئيس مجلس الوزراء ذات العلاقه بالقانون والتى تتمثل فى القرار رقم 2603 لسنه 1996 بحظر إنشاء مبان أو اقامه اعمال فى المساحات الخضراء التي يحوزها الجهاز الادارى للدوله ووحدات الاداره المحليه والهيئات والمؤسسات العامه وهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال.
والقرار رقم 2104 لسنه 1996 بشأن ارتفاعات المباني لبعض مناطق محافظه القاهره, وكذلك القرار رقم 463 لسنه 1998 بشأن حظر هدم القصور والفيلات فى انحاء جمهورية مصر العربيه.
وأخيرا قانون البناء الموحد حيث  نصت الماده (40) من القانون رقم (119) لسنه 2008م (قانون البناء الموحد) على أن "تلتزم الجهه الاداريه باعطاء أصحاب الشأن بياناً بصلاحيه الموقع للبناء من الناحيه التخطيطية والاشتراطات البنائيه الخاصه بالموقع ويقدم طلب الحصول على الترخيص من المهندس أو المكتب الهندسي المعتمد إلى الجهه الاداريه المختصه بشئون التخطيط والتنظيم مرفقاً به المستندات اللازمه".
وكذلك نصت الماده (43) من ذات القانون على انه "يشترط فى حالات التعليه الالتزام بقواعد الارتفاع والاشتراطات التخطيطيه والبنائيه الساريه على أن يسمح الهيكل الانشائي للمبني وأساساته بتحمل الأعمال المطلوبة".
كما نصت الماده (44) من ذات القانون على أن "يجوز بقرار مسبب من المحافظ المختص بعد موافقه المجلس الشعبي المحلي وقف الترخيص بالبناء فى المدن أو المناطق أو الشوارع تحقيقاً لغرض قومي او مراعاة لظروف العمران أو إعاده التخطيط".
ومن خلال النصوص السابقه وغيرها يتضح لنا أن للإداره دور هام فى مجال الرقابه على العمران من خلال ما يخوله القانون والتنظيم لها, فسلطه الاداره فى تقسيم المدينه إلى مناطق سكنية وعمرانية معينة يكون وفق معايير محددة تضمن وجوب التناسق بين شكل البناء وطبيعه المنطقه وإرثها التاريخي وحتي الألوان المحيطه بها وضروره ترك مكان للماره وتتدخل سلطه الضبط فى حاله مخالفه تلك المعايير من خلال فرض التقييد أو الهدم والاخلاء وفق قوانين العمران.
كما تقوم الاداره عن طريق سلطه الضبط الادارى للتعمير بالحماية والمحافظة على المدينه وتنظيمها وهدم جميع المباني الفوضويه والمؤثره على جمال المدينه.
ويهدف المشرع من خلال وضع قوانين خاصه بالبناء والتعمير إلى تحقيق غايات تتفق مع أهداف الضبط التقليدية باعتبارها تشكل أهدافاً حديثه له فعلي سبيل المثال يهدف الاشراف على عملية البناء ومنح الرخص إلى ضمان المعايير المتطلبه لسلامه الأمن والصحه وضمان السكينه العامه للأفراد, كما يسهم تخطيط المباني والاستخدام الامثل للعقار وشروط البناء إلى اضفاء جمالية على المنشأة المعمارية والنمط السكني وتعتبر رخصة البناء عنصراً فعالاً فى المجال العمراني فهي تمثل صوره لفرض احترام قواعد العمران وتعد هذه القواعد قيداً على كل من يرغب فى إنشاء مبني جديد أو القيام بترميمه وتوسيعه.
واستحداثا لسلطات الضبط يعد البوليس الادارى للتعمير نشاطاً إدارياً يهدف إلى حمايه النظام العام فى مجال جماليه المدينه والبناء والتى لها علاقه وطيده بحمايه الصحه والأمن والسكينه العامه, فنظافه الشوارع والمحلات لها علاقه بالصحه العامه واشتراط اجراءات لصاحب البناء مثل السياج واللافته هو لأجل سلامه الماره, فالبوليس الادارى للتعمير يهدف إلى حمايه النظام العام فى الشق المتعلق بجماليه المدينه وتنظيمها خاصه فى مجال البناء فسلطه الضبط الادارى تعمل إلى فرض إجراءات صارمه وغرامات ماليه على المخل بالترخيص وبما تضمنه الالتزام المقرر منه.
غير أن هيئات الضبط الادارى لا تقتصر على ضباط الشرطه وجنودهم أو غيرهم من العاملين بوزاره الداخليه وإنما تشمل كثيرين من العاملين بوزارات أخرى متعدده من ذلك مثلاً موظفوا قسم الصحه الوقائيه بوزاره الصحه مثلاً إذ يتمثل عملهم فى المحافظه على الصحه العامه وكذا موظفي الوحدات المحلية وموظفي هيئة المجتمعات العمرانية الصادر لهم سلطة الضبط الادارى والقضائي بموجب قرار وزير العدل بمنح بعض هؤلاء الموظفين سلطة الضبط القضائي .
هذا فضلا عن اختصاص هؤلاء الموظفين بالعديد من الاختصاصات الاخرى ومن هذه الاختصاصات ما نصت عليه الماده (96) من القانون رقم 119 لسنه 2008 بشأن البناء الموحد على أن "تلتزم الجهه الاداريه المختصه بشئون التخطيط والتنظيم فى أحوال الخطر الداهم باخلاء العقار وكذلك المباني المجاوره عند الضروره من السكان بالطريق الاداري واتخاذ ماتراه لازماً من الاحتياطات والتدابير إلا فى حاله تهديد البناء بالانهيار العاجل فيكون لها الحق فى اخلائه فوراً كما يكون لها فى حاله الضروره القصوى هدم العقار جزئياً أو كلياً بموجب حكم من قاضي الأمور المستعجله بالمحكمه الكائن فى دائرتها العقار .
وأخيرا فإن الطفرة الحديثة في التوسع في سلطات الضبط الادارى لحماية العمران ساهم بشكل كبير في منع وحظر كافة التعديات التي طالت العديد من المدن بل معظم المدن .

تم نسخ الرابط