أكرم الألفي: مصر على طريق التباطؤ السكاني رغم عدم الوصول الكامل

أكد الكاتب الصحفي أكرم الألفي أن مصر لم تصل بعد إلى مرحلة التباطؤ السكاني الكامل، لكنه شدد على أن البلاد تسير في مسار نزولي واضح في معدلات النمو السكاني منذ عام 2014، مشيرًا إلى أن استمرار هذا الاتجاه لعشر سنوات قادمة سيؤدي إلى دخول مصر رسميًا في مرحلة التباطؤ السكاني.
انخفاض معدلات النمو السكاني منذ 2014
وأشار الألفي خلال استضافته في برنامج "ستوديو إكسترا" على قناة "إكسترا نيوز"، ويقدمه الإعلامي شادي شاش، إلى أن معدلات النمو السكاني بدأت تتراجع بشكل مستمر منذ عام 2010.
وقال: "بلغ معدل النمو السكاني في عام 2014 نحو 2.4%، بينما انخفض في عام 2024 إلى 1.4%، وهو انخفاض ملحوظ يعكس توجهًا استراتيجيًا نحو السيطرة على النمو السكاني."
وأكد أن هذا الانخفاض يعد مؤشراً مهمًا على تحول البلاد نحو السيطرة على معدلات النمو السكاني التي كانت تمثل تحديًا رئيسيًا في العقود الماضية، مشيرًا إلى أن استمرار هذا الاتجاه سيحدث تغييرات كبيرة على الهيكل السكاني والاقتصادي والاجتماعي في مصر.
تراجع معدل المواليد: إنجاز تاريخي
وأوضح أكرم الألفي أن معدل المواليد في مصر شهد انخفاضًا ملحوظًا خلال العقد الأخير، حيث تراجع من 31 مولودًا لكل 1000 نسمة في عام 2014 إلى 18 مولودًا لكل 1000 نسمة في عام 2024، أي بانخفاض نسبته 41%. ووصف هذا التراجع بـ"الإنجاز التاريخي"، مشيرًا إلى أنه يعكس نجاح السياسات السكانية وجهود الدولة في توجيه المجتمع نحو تنظيم الأسرة والحد من الزيادة السكانية العشوائية.
وأضاف أن هذا الإنجاز جاء نتيجة مزيج من الإجراءات الحكومية الفعالة وجهود التوعية التي تقوم بها مؤسسات الدولة، على رأسها وزارة الصحة والسكان والمجلس القومي للسكان، اللذان لعبا دورًا محوريًا في نشر الوعي بين المواطنين حول أهمية تنظيم الأسرة والحد من الزيادة السكانية المفرطة.
التعليم مفتاح التغيير الديموغرافي
ولفت الألفي إلى أن التعليم، وخاصة تعليم الفتيات، كان له أثر جوهري في هذا التحول الديموغرافي. وأوضح أن نسبة الفتيات في التعليم الثانوي ارتفعت بشكل ملحوظ من 33% في عام 2000 إلى 48.6% في عام 2024، وهو معدل غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث.
وأشار إلى أن التعليم ساعد على تغيير الوعي الاجتماعي والاقتصادي، وزيادة فرص الفتيات في سوق العمل، وهو ما ساهم في تأجيل سن الزواج وتقليل معدل المواليد، مؤكدًا أن الاستثمار في التعليم كان حجر الزاوية في تحقيق هذه النتائج الإيجابية على مستوى السكان.
تعليم الفتيات في الجامعات: نقلة نوعية
كما أشار أكرم الألفي إلى أن نسبة الفتيات في الجامعات الحكومية تجاوزت 50% من إجمالي الطلاب، مشيرًا إلى قفزة نوعية مقارنة بالستينيات، حيث لم تكن نسبة الفتيات في الجامعات تتجاوز 25% وكان عددهن لا يتعدى 30 ألف طالبة. واليوم، أصبح عدد الطالبات الجامعيات 1.8 مليون طالبة مصرية، وهو رقم يعكس نجاح السياسات التعليمية وارتفاع الوعي الاجتماعي بأهمية التعليم للفتيات.
وأضاف أن هذا التحول في التعليم يعكس أيضًا تغيرًا ثقافيًا واجتماعيًا مهمًا، حيث أصبح للمرأة دور محوري في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على معدلات النمو السكاني ويعزز الاتجاه نحو التباطؤ السكاني بشكل طبيعي ومستدام.
جهود الدولة في السيطرة على النمو السكاني
وأكد الألفي أن مؤسسات الدولة لعبت دورًا مهمًا في هذا التغيير، مشيرًا إلى المبادرات الحكومية المختلفة التي تستهدف التوعية السكانية، وتحسين الخدمات الصحية، وتوفير برامج لتنظيم الأسرة، إلى جانب تحسين جودة التعليم وزيادة فرص الفتيات في التعليم والعمل.
وأوضح أن هذه الجهود كانت متكاملة، حيث لم تركز الدولة على جانب واحد فقط، بل اعتمدت على الاستراتيجية الشاملة التي تجمع بين الصحة والتعليم والتوعية المجتمعية، وهو ما جعل نتائجها أكثر فعالية واستدامة.
مستقبل التباطؤ السكاني في مصر
وأشار أكرم الألفي إلى أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو مرحلة التباطؤ السكاني، مؤكدًا أن استمرار الاتجاه الحالي لعشر سنوات أخرى سيؤدي إلى انخفاض النمو السكاني بشكل رسمي، وهو ما يمثل فرصة لتخفيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الدولة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
وأضاف أن هذا التحول الديموغرافي سيتيح فرصًا أكبر للاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية، كما سيساعد في تحقيق التوازن بين عدد السكان والموارد المتاحة، وهو ما يمثل عنصرًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة في مصر خلال العقود القادمة.
أهمية الاستمرار في التوعية والدعم الحكومي
وأكد الألفي أن الاستمرار في جهود التوعية والدعم الحكومي يعد أمرًا حيويًا للحفاظ على هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أن أي تراجع في هذه الجهود قد يؤدي إلى استعادة معدلات النمو السكاني العالية، وهو ما سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد والمجتمع.
وأضاف أن التعليم المستمر للفتيات والشباب، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للأسر الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية الصحية، يمثل عناصر أساسية لضمان استدامة التباطؤ السكاني وتحقيق الأهداف التنموية المستقبلية.