وزير الري السابق: سد النهضة لم يحقق الهدف الرئيسي في توليد الكهرباء

منذ بدء إثيوبيا في تشييد سد النهضة على النيل الأزرق، تصاعدت المخاوف الإقليمية والدولية بشأن انعكاساته على الأمن المائي لدول المصب، خصوصاً مصر والسودان ورغم مرور سنوات طويلة من الجدل والمفاوضات، ما زال الملف مفتوحاً على احتمالات عدة، خاصة بعد أن اتضح أن السد لم يحقق بعد الهدف الأساسي الذي أعلنت عنه الحكومة الإثيوبية وهو توليد الطاقة الكهربائية بكميات ضخمة تغطي الاحتياجات المحلية وتفتح باب التصدير للخارج.
تصريحات القوصي: السد لم يحقق أهدافه
أكد الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري السابق، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي شريف عامر، ببرنامج "يحدث في مصر"، المُذاع عبر شاشة "إم بي سي مصر"، أن المعلومات المتوافرة حالياً تشير إلى أن سد النهضة لم يصل إلى كامل طاقته الإنتاجية، بل إن ما تحقق أقل بكثير مما روّجت له إثيوبيا فالسد يضم 16 توربيناً لتوليد الكهرباء، لم يدخل الخدمة منها سوى أربعة توربينات فقط، وتعمل هي الأخرى بنظام المناوبات. هذا يعني أن الهدف المعلن بتوليد 5.6 ألف ميجاوات لم يقترب من التحقق حتى الآن.
أبعاد اقتصادية لم تتحقق بعد
قدّمت إثيوبيا عند الإعلان عن مشروع السد، صورة لامعة عن تحولها إلى "بطارية إفريقيا"، متوقعة تحقيق إيرادات ضخمة من تصدير الكهرباء. لكن واقع الحال مختلف؛ إذ إن ضعف تشغيل التوربينات وعدم استقرار الشبكة الكهربائية الداخلية أدى إلى عجز إثيوبيا عن تلبية احتياجاتها بالكامل، فضلاً عن دخولها سوق التصدير ويطرح ذلك تساؤلات حول جدوى الإنفاق الضخم على المشروع في ظل عوائد محدودة.
ملء السد بين الاحتفال والتطمينات
وتطرق القوصي إلى احتفال إثيوبيا بانتهاء عمليات الملء، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ركّز على أن عملية التخزين لم تضر بدول الجوار حتى الآن، وهو أمر صحيح جزئياً فقد تزامن الملء مع سنوات فيضانات مرتفعة، مما قلل من أثره على حصة مصر والسودان. لكن ذلك لا يلغي المخاطر المستقبلية، خاصة في حالة حدوث موجات جفاف طويلة.
مخاطر الجفاف: التحدي الحقيقي
أوضح القوصي أن الخطر الأكبر يكمن في سنوات الجفاف، حيث لا توجد دراسات واضحة حول كيفية إدارة السد في هذه الظروف. وفي حال قررت إثيوبيا الاستمرار في تخزين المياه رغم انخفاض معدلات الفيضان، فإن ذلك سيؤثر مباشرة على حصة مصر المائية التي تعتمد بنسبة تفوق 95% على مياه النيل. هذا السيناريو يحمل انعكاسات اقتصادية وزراعية وأمنية خطيرة.
المفاوضات ومسار الحلول الدبلوماسية
ورغم التوتر المستمر، فإن المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا لم تصل بعد إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل. وتؤكد القاهرة أن الحل يكمن في اتفاق قانوني ملزم يضمن حقوق جميع الأطراف ويوازن بين التنمية الإثيوبية وحقوق دول المصب. أما في غياب مثل هذا الاتفاق، فإن احتمالات التصعيد السياسي أو حتى الإقليمي تبقى قائمة.
تأثيرات على الأمن المائي المصري
وتتجاوز قضية سد النهضة مجرد ملف فني أو هندسي، إذ تمس الأمن القومي المصري بشكل مباشر. فالمياه بالنسبة لمصر ليست مجرد مورد اقتصادي بل مسألة حياة أو موت ومع احتمالية تراجع حصة مصر من المياه في سنوات الجفاف، قد تواجه البلاد تحديات في الزراعة، وإمدادات مياه الشرب، وحتى في استقرار المجتمعات الريفية التي تعتمد بشكل أساسي على نهر النيل.