عاجل

المرأة المصرية تعتلي منصة القضاء

من حلم عائشة راتب لـ واقع 48 فتاة.. المرأة المصرية تعتلي منصة القضاء

أول دفعة من القاضيات
أول دفعة من القاضيات

في لحظة تاريخية يعيشها المجتمع المصري شهد مجلس الدولة، برئاسة المستشار أسامة يوسف شلبي رئيس مجلس الدولة مراسم حلف اليمين القانونية لأول دفعة من القاضيات في تاريخ المجلس، ضمن الدفعة الجديدة للمندوبين المساعدين المعينين بموجب القرار الجمهوري رقم 447 لسنة 2025.

- رحلة تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة

لم يكن الطريق للوصول لمنصة القضاء مليئًا بالورد، بل كان أمرًا شهد العديد من المحاولات والمعارك، إذ في عام 1949 تقدمت عائشة راتب، بعد تخرجها من كلية الحقوق، بأوراقها للتعيين في مجلس الدولة، الهيئة القضائية الأعلى في مصر والأحدث إنشاء حينها، مثل زملائها الذكور، ولكن تم رفض طلبها هذا، ما دفعها هذا لرفع دعوى أمام محكمة القضاء الإداري، للطعن على القرار، ولكن المحكمة التي انعقدت جلستها في فبراير 1952 برئاسة المستشار عبد الرازق السنهوري، قضت بعدم أحقية راتب.

وفي حين أن هذا الحكم فوت على عائشة راتب أن تكون أول قاضية مصرية وعربية، ولكن لم يكن هذا آخر محطة لقطارها، إذ نجحت لاحقًا في أن تكون ثاني وزيرة، وأول سفيرة مصرية، وأول رئيسة امرأة لقسم القانون الدولي بكلية الحقوق، ثم عضوة في لجنة كتابة دستور 1971، والوحيدة حينها التي اعترضت على الصلاحيات الواسعة التي منحها هذا الدستور للرئيس الراحل محمد أنور السادات.

 

- محاولة أخرى تنتهي بالرفض

بعد 19 عامًا تقدمت امرأة مصرية أخرى مطالبة بالحق في التعيين في مجلس الدولة، وكانت هانم محمد حسن ولكنها هذه المرة موظفة إدارية بالمجلس، إذ تقدمت أمام محكمة القضاء الإداري أيضًا بطعن على قرار رفض تعيينها بوظيفة “مندوب” بمجلس الدولة.

ولكن مجددًا قضت المحكمة في يونيو من عام 1979 بعدم أحقيتها، ولكنها هذه المرة لم تبرر هذا القرار بالعرف والتقاليد، بل استندت إلى المادة الثانية من دستور 1971 والتي تنص على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”، وكذلك المادة  (11) من الدستور والتي تنص على أن “تكفل الدولة مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية”، وأكدت المحكمة أنه لا يجوز التعقيب على قرار جهة الإدارة المستند إلى أن الشريعة الإسلامية لا تجيز أن تتولى المرأة منصب القضاء.

 

- صراعات مصرية بينما تتربع جنسيات أخرى

بينما كانت تحارب المرأة المصرية للوصول لسلك القضاء كانت النساء في بلدان عربية أخرى يسبقن نساء مصر إلى منصات القضاء، ففي عام 1959 م أصبحت العراقية زكية حقي، أول امرأة عربية تصبح قاضية، توالى بعد ذلك تعيين النساء قاضيات في البلدان العربية، في المغرب (1961)، في لبنان وتونس (1966)، في اليمن (1971)، في سوريا (1975)، في السودان (1976)، وفي فلسطين (1982)، وفي ليبيا (1991)، والأردن (1996).
 

بقرار رئاسي.. تهاني الجبالي أول قاضية

شهد القضاء المصري تعيين أول قاضية مصرية، وهي المستشارة تهاني الجبالي، عام 2003، بقرار رئاسي في المحكمة الدستورية، وبقرار سياسي للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وأتى ذلك أيضًا بعدما أصدر الأزهر عام 2002 م بأنه "لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن أو الأحاديث النبوية يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء"، ومع ذلك أثار تعيين الجبالي جدلًا عنيفًا في المجتمع، وظل الصوت الأعلى هو للمتمسكين بالحظر الديني لتولي النساء مناصب القضاء.

 

- انطلاقة يعقبها جمود

بعد 4 أعوام، في عام 2007، وبقرار رئاسي جديد، عُينت 31 من عضوات النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة كقاضيات في محاكم ابتدائية مثل محاكم الأسرة والمحكمة الاقتصادية، ولم يمر عام قبل أن يعين المجلس الأعلى للقضاء 12 امرأة أخرى، عام 2008، من خلال مسابقة أجراها، ولكن من المؤسف أن يعود تعيين المرأة في القضاء إلى الجمود مرة أخرى، ولم تعين دفعة جديدة من القاضيات إلا عام  2015 م.

 

- نور في آخر النفق

ظلا مجلس الدولة والنيابة العامة موصِدا الأبواب في وجه المرأة حتى يومنا هذا، ولكن هذا الواقع تغير، بعدما أعلن مجلس الدولة عن قبوله توجيهات رئيس الجمهورية في مارس الماضي بتعيين قاضيات في المجلس، إضافةً إلى قرارات الجلسة الاستثنائية للمجلس الأعلى للقضاء والتي كان منها قبول التحاق النساء بالنيابة العامة والهيئات القضائية بالطريق الاعتيادي وبالمساواة بالرجال.

تم نسخ الرابط